يجب أن يكون في داخل كل مخرج ألف ممثل.. قاعدة متعارف عليها بين أهل السينما.. ولا يشترط أن يكون ممثلا.. وقد يكون هذا الممثل ناجحا.. وقد يكون فاشلا. ويقال.. علي المخرج ألا يفرض ممثله الذي بداخله علي ممثليه الذين يتعامل معهم في أي فيلم أو مسلسل حتي لا يصبح الجميع نسخة واحدة من ممثل المخرج. هذه قواعد يعيشها الممثلون.. ويعملون لها ألف حساب.. فعند التعامل مع مخرج ما.. يراقب الممثل هذا المخرج جيدا.. يحاول أن يعرف من أي صنف هذا المخرج.. كيف يتعامل مع الممثل الذي بداخله؟! هل هو ممن يفرضون ممثليهم الذين بداخلهم علي الشخصيات التي أمامهم؟!.. أم هو ذلك المخرج الذي يتعامل مع الممثلين الذين بداخله من أجل استيعاب الشخوص السينمائية التي سيقدمها للجمهور من خلال نجومهم وابطالهم.. ويصبح مسيطرا وفاهما لكل عناصر شخصيات فيلمه الذي يقدمه.. ومسيطرا علي امكانيات كل ممثل يقف امامه ليقدم هذه الشخصيات امام الكاميرا.. والمخرج عندما يقرأ أي سيناريو.. تبدأ شخوص السيناريو تتحرك أمامه.. ويتعرف علي كل شخصية ويبدأ الممثل الذي بداخله يتحرك في خياله.. مع أحداث الفيلم علي الورق.. وعندما ينتهي من قراءة السيناريو.. يكون قد وصل بحاسة الممثل الذي بداخله إلي الممثل أو النجم الذي يجب أن يقوم بأداء الدور علي الشاشة وامام الجمهور. وقد يصارع المخرج الذي بداخله ويحاول ألا يجعله ينطلق أو يسيطر عليه ملحا للظهور علي الشاشة.. وقد ينتصر المخرج الواعي علي الممثل الذي بداخله.. فيظل الممثل الذي بداخله حبيسا طول العمر.. وقد ينتصر الممثل الذي بداخله.. ويضطر المخرج لإظهاره علي الشاشة ويقع المخرج بذلك تحت أقسي اختبار في حياته.. فالمخرج الذي بداخله ألف ممثل تعامل معهم طوال حياته.. وأظهرهم من خلال آخرين علي الشاشة.. يصبح واحدا منهم ويقع تحت دائرة حكم الجمهور المباشر في أقسي تجربه له.. وكم من مخرج ظهر ممثله للجمهور.. منهم من نجح ومنهم من أعاد ممثله إلي داخله وجنبه قسوة التجربة مرة أخري! ومن أوضح نماذج الصراع الدائر بين المخرج والممثل الذي بداخله هو المخرج العالمي الراحل.. هتشكوك.. فهو يظهر في لقطة واحدة من كل فيلم من أفلامه.. وقيل انه يتفاءل بهذه اللقطة والحقيقة هي محاولة ذكية منه لارضاء ذلك الممثل المشاكس الذي بداخله.. وعندنا المخرج الراحل الكبير.. مخرج الروائع.. الذي أول من كتب جملة فيلما من اخراج حسن الإمام.. كان رائعا فقد بدأ الإخراج.. بأن جعل الألف ممثل الذين في داخله في خدمة النجوم والأبطال.. واستغل من بداخله في رسم طريق النجومية لعدد كبير من اكتشافاته لنجوم ونجمات السينما.. واكتفي بأن يداعب الممثل الذي بداخله بالظهور في لقطة في كثير من أفلامه.. وقدم المخرج العالمي المصري كثيرا من الأفلام.. واشترك في بطولتها ومنها باب الحديد مع هند رستم.. واخرج كل طاقة الممثل الذي بداخله وأذهل به كل الجماهير.. واشترك في بعض أقلامه الأخري.. لكنه كان يصرخ فرحا عندما يكتشف وجها جديدا أعطاه كل خبرة نجمة الممثل الذي بداخله.. الذي احتل بعض نجومه وانتقلت إليهم عدوي نجومية الممثل الذي بداخل يوسف شاهين الذي حصد الجوائز العالمية كلها عن مشوار اخراجه الفني الرائع لأفلامه.. قواعد عاشتها السينما العالمية.. والمصرية طوال المشوار السينمائي.. لكن تغير الزمن الآن.. وتحول كثير من الممثلين يخرجون.. ويؤلفون.. ويمثلون.. سواء كانوا نجوما رجالا أو نجمات سينمائيات.. وسادت هذه الظاهرة كل دول العالم التي تهتم بالسينما!!