مصر ليست مهد الحضارات فحسب.. مصر هي من تكتب التاريخ وتحافظ علي الجغرافيا.. وهي ليست دولة علي خريطة العالم فحسب بل هي صمام الأمان للعالم أجمع.. إنها القلب النابض وشريان الحياة.. إنها رسالة السلام والمحبة والأمان لكل شعوب الدنيا.. فمصر وعلي مدي تاريخها الطويل الممتد منذ فجر التاريخ لم تكن أبدا دولة معتدية وإنما دائما الملاذ لكل باحث عن الأمان.. فمصر منذ أمد بعيد تجمع ولا تفرق.. تلم شمل الأشقاء وتحمل هموهم وتحل قضاياهم ومشكلاتهم لينعموا بعيش آمن.. ومن مصر وتحديدا من أرض السلام شرم الشيخ يرسل شباب العالم رسالته إلي حكام الدول وقاداتها أن دعونا نعيش جميعا بلا حروب وصراعات.. فالعالم يسع جميع البشر علي اختلاف لونهم وعقيدتهم.. فحق الحياة هو أول حق أصيل من حقوق الإنسان.. وحق مقاومة الإرهاب للعيش في أمن وسلام وكرامة هو أيضا حق إنساني لكل البشر.. وعلي أرض السلام في مصر اجتمعت قلوب شباب العالم علي الحب والخير والإخاء.. اجتمعوا علي تحقيق معني الإنسانية بلا تمييز أو تفرقة.. اجتمعوا علي حلم مشروع بعالم خال من الغل والكراهية وتشرق عليه شمس المحبة.. وليس بمستغرب أن تكون أول رسالة سلام من شباب العالم بأكمله من مصر.. فمصر هي من أرست قواعد السلام منذ قديم الأزل.. وحفرتها علي جدران معابدها القديمة وخطتها مباديء راسخة في جميع دساتيرها.. فعلي مدي عصورها احتضنت أرض مصر جاليات من شتي بقاع الأرض عاشوا جميعا جنبا إلي جنب لم يميز بينهم لون أو عرق أو دين.. فكل من كان ينتمي إلي هذا الوطن كان مصريا وحسب.. فالإجابة كانت دائما وأبدا مصر.. واستضافة مصر لمنتدي شباب العالم في شرم الشيخ ليست حدثا اقتصاديا أو سياسيا فقط ولكنه في المقام الأول حدثا إنسانيا وحضاريا بكل المعاني.. فالمكسب الأهم والأعم والأشمل من إقامة هذا المنتدي هو التقاء شباب العالم من مختلف الجنسيات وتلاقي أفكارهم وأحلامهم بحياة مستقبلية لا يهددهم فيها إرهاب أو خوف.. والتفاهم حول مبادئ إنسانية يتساوي فيها جميع البشر.. فإقامة جسور التبادل المعرفي والثقافي والاعتراف بحق الآخر في الحياة هو أول خطوة في طريق العبور لبر النجاة وبداية الخلاص من الصراعات والحروب التي تجتاح العالم.. إن فهم الآخر وتقبله باختلافاته أصبح من أولويات واقعنا المعاصر لتغيير مفاهيم كثيرة مغلوطة أعاقت التواصل الإنساني بين شعوب العالم وأدت إلي كراهية الآخر بزعم الانتصار لدين أو عرق.. ومنزل جميع الشرائع والأديان لم يأمر أتباع أي دين بكراهية أتباع الأديان الأخري.. فالله خلقنا جميعا شعوبا وقبائل لنتعارف لا لنتقاتل.. وأكرمنا عند الله سبحانه وتعالي بالتقوي.. وأي عقيدة تفتقر إلي الإنسانية فهي عقيدة شوهاء ليس لها علاقة بالسماء.. فالله لم يرسل لنا الأنبياء ليحث أتباع كل نبي علي كراهية أتباع النبي الآخر.. فهذا التناقض هو من صنع البشر لا من صنع الإله.. فمصر كما كانت أول حضارة عرفت توحيد الإله.. فهي أيضا أول أرض توحد قلوب شعوب العالم علي المحبة والإخاء.. فيكفي العالم أن مصر تسكن قلبه لينبض بالحياة ويكفي كل مصري فخرا وزهوا أن مصر هي أول دولة تدعو العالم بأكمله للسلام والمحبة وأول من يرسخ مبدأ الحياة بلا خوف أو إرهاب كحق أصيل من حقوق كل إنسان علي وجه الأرض.. وسيبقي التاريخ شاهدا علي أن مصر جيشا وشعبا ورئيسا أعادوا صياغة حقوق الإنسان بمعانيها الحقيقية التي تعترف بحق كل إنسان في الحياة.