الوعظ هو الارشاد إلي ما فيه الخير والمنفعة والصلاح, وهذا الارشاد قد يكون بطريقة حسنة أو سيئة, والقرآن الكريم يشير إلي وجوب أن يتصف الداعي إلي الله تعالي باستخدامه الموعظة الحسنة , قال تعالي: ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ولم يرض القرآن إلا أن يتصف الداعي إلي الله بأعلي تلك الدرجات ادفع بالتي هي احسن السيئة نحن أعلم بما يصفون, ويقول سبحانه وتعالي مخاطبا موسي وهارون عليهما السلام حين أمرهما بدعوه فرعون وقومه: فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشي. وقد نجد في بعض الأحيان أن ينفعل الداعي في لحظة ما بإحساسه بصدق دعوته وغيرته علي الحق ورغبته في صلاح الناس وغضبه من استمرارهم علي المعصية ورفضهم دعوته فإذا بهذا الداعي يتخذ السباب وسيلة والاستهزاء أسلوبا والقطيعة معاملة والعداوة منهجا, ويظن أن ذلك دليل ثباته علي الحق وعدم مداهنته فيه. لكن هؤلاء مخدوعون وممن زين لهم الشيطان أعمالهم فأبعدهم عن الصواب, فإن المعالي لا تنال إلا بطريق عال سوي, وهذا النبي صلي الله عليه وسلم مع شدة حرصه علي الحق وحزنه علي كفر المعاندين له لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين الا أنه لم يكن سبابا ولا لعانا ولا طعانا ولا بالفاحش البنديء, والقرآن يقول: ولو كنت فظا غليظ القلب لا انفضوا من حولك وفي موقف بليغ يوضح هذا المعني تذكر كتب الصحاح أن شابا جاء إلي النبي صلي الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ائذن لي في الزنا, فهم الناس به, لكن النبي صلي الله عليه وسلم دعاه اليه وقربه منه, ثم قال له: أتحبه لأمك, قال لا جعلت فداك يا رسول الله, فقال, وكذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم,اتحبه لأختك, فيقول لا جعلت فداك يا رسول الله, فيقول صلي الله عليه وسلم وكذلك الناس لا يحبونه لأخواتهم, اتحبه لعمتك وهكذا ثم قال صلي الله عليه وسلم اللهم طهر قلبه وحصن فرجه واغفر ذنبه فقام ولا شيء يكرهه كهذا الذي جاء يريد الإذن فيه. إن هدف الداعي ليس فقط تبليغ الدعوه ولكنه حث الناس علي الأخذ بها والسير علي هديها, مقتديا بقوله تعالي قالوا معذرة إلي ربكم ولعلهم يتقون. وإذا كانت العلة في السباب والإيذاء الغيرة علي محارم الله, فليجعل من محبته ورغبته في استقامة الكل علي منهج الله وطلبه أن يذوق الناس لذة القرب والوصول دافعا إلي لين القول وخفض الجناح وحسن الموعظة, اقتداء بنبينا صلي الله عليه وسلم واخوانه الانبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين, ولنتذكر مواقف ابراهيم عليه السلام في دعوته كما ذكرها القرآن لنأخذ منها الدرس والعبرة.