أصدر المجلس الأعلي للقوات المسلحة مرسوما بقانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم38 لسنة1972 في شأن مجلس الشعب نص فيه علي إجراء الانتخابات البرلمانية بأسلوب القوائم النسبية مع أسلوب الانتخاب الفردي. وحدد عدد المقاعد المخصصة لنظام الانتخاب بالقوائم المغلقة مساويا لثلث عدد المقاعد والثلثين للانتخاب الفردي, ويجوز ان تتضمن القائمة الواحدة مرشحي حزب واحد أو اكثر في كل أو بعض دوائر الجمهورية كما يجوز للمستقلين ان يتقدموا بقوائم خاصة بهم, مع الالتزام بنسبة العمال والفلاحين في نتائج القائمة والفردي, ولم يشر المرسوم من قريب أو بعيد لكوتة المرأة بالمغايرة للمقترح المقدم من الحكومة, وهو اقتراح فيه شبهة عدم الدستورية لأنه لايضمن المساواة بين مرشحي القائمة ومرشحي الفردي.ناهيكم عن أنه غير عملي ويصعب تنفيذه تصويتا وفرزا, وخاصة في حالة وجود كوتة للمرأة والالتزام بنسبة العمال والفلاحين في نتائج القائمة والفردي والمرأة ومع وصول نسبة الأمية إلي مايقرب من الأربعين في المائة. وهذا النظام المختلط يؤدي إلي وجود النائب الخدمي إلي جانب النائب الذي لديه القدرة علي التشريع والاهتمام بالقضايا القومية الكلية, أو بمعني أخر النائب المهتم بهموم دائرته الصغيرة وذلك المهتم بهموم مصر كلها إلا أن هذا النظام يعيبه: أنه يتطلب دوائر واسعة جدا. كما يعيبه أنه يصعب من مهمة الناخب في الإدلاء بصوته في استمارتين للفردي والقائمة الحزبية وثلاث استمارات لو حدد كوتة للمرأة, ولتوضيح ماسبق نشير إلي مايلي: يتشكل مجلس الشعب وفقا للوضع الدستوري الحالي من444 نائبا نصفهم من العمال والفلاحين ينتخبون من222 دائرة انتخابية, اضافة إلي64 نائبة ضمن كوتة المرأة نصفهن من العمال والفلاحين ينتخبن من32 دائرة انتخابية اضافة الي عشرة نواب يعينهم رئيس الجمهورية, فيكون الإجمالي518 نائبا. ووفقا لذلك فإن دوائر المرأة دوائر واسعة تبلغ مساحتها مايقرب من السبع مرات مساحة الدوائر الفردية.. فما بالنا بالوضع المقترح؟!!! سيكون لدينا296 نائبا يفرزهم الانتخاب الفردي, نصفهم من العمال والفلاحين ينتخبون من148 دائرة انتخابية بدلا من222 دائرة انتخابية, مما يزيد من مساحة الدوائر الحالية مرة ونصف المرة علي الأقل, ويشكل عبئا علي المرشح الفردي. كما سيكون لدينا146 نائبا يفرزهم الانتخاب بالقائمة الحزبية. وبافتراض ان عدد المرشحين بالقائمة يتراوح بين أربعة وثمانية مرشحين حيث يشترط ان يكون العدد زوجيا ليكون نصفه علي الأقل من العمال والفلاحين ينتخبون من عدد مساويلدوائر المرأة في الانتخابات السابقة حال وجود كوتة للمرأة أي32 دائرة انتخابية. ويلاحظ هنا أن عدد الدوائر يزيد قليلا علي عدد محافظات مصر27 محافظة أي أن أغلب الدوائر ستشمل محافظات بالكامل وبما يضعف الارتباط بدرجة كبيرة بين النائب والناخبين. أما البديل الأنسب عن النظام الانتخابي السابق فهو القائمة النسبية غير المشروطة بشرط الحزبية أو العدد أو التمثيل علي مستوي الجمهورية. وهو أسلوب غير مطعون في دستوريته, كما أنه يفرز النائب التشريعي الذي لديه القدرة علي التشريع والمراقبة والمساءلة ويفاضل الناخب في هذا النظام بين القوائم علي أساس المبادئ والبرامج السياسية والحزبية بما يؤدي إلي: * ارتفاع الوعي السياسي للشعب واهتمامه بالقضايا القومية وتقوية الاحزاب السياسية الفاعلة في الساحة, إضافة الي انتخاب نواب لديهم الرؤية القومية والسياسية والقدرة علي المشاركة في صياغة دستور جديد. * يقوي موقف النائب أمام الحكومة بما يمكنه من ممارسة دوره الرقابي وحق تقديم الاستجوابات وطلبات الاحاطة للوزراء. * تحجيم التدخل في تزييف إرادة الناخبين أو التأثير عليها بالمال نتيجة لكبر الدوائر الانتخابية ونتيجة الاعتماد علي التمويل الحزبي وليس التمويل الفردي. * إضعاف تأثير الانتماء القبلي أو العشائري والذي يعوق التنمية الديمقراطية. * ضمان أكبر قدر من العدالة بعدم إهدار الأصوات, حيث يتم توزيع المقاعد علي القوائم حسب نسبة الأصوات التي حصلت عليها. * إعطاء فرصة أكبر لتمثيل بعض الجماعات السياسية التي يصعب تمثيلها في ظل الانتخاب بالنظام الفردي) الأقباط المرأة(. ويتميز هذا النظام عن النظام المختلط بما يلي: * أن سعة الدوائر ستكون نصف سعتها في النظام المختلط بما يقوم من ارتباط النائب بأبناء دائرته( في حدود64 دائرة بدلا من32 دائرة في النظام المختلط). * يتيح للمستقلين تكوين القوائم الخاصة بهم وبأي عدد يرغبون فيه وبالتالي يمنع عدم الدستورية. * عدم تحكم الأحزاب وإساءة استخدام سلطتها في وضع القوائم الحزبية, وحيث يمكن للمرشح الترشح من خلال قوائم المستقلين بعيدا عن تحكم الحزب. * يسهل من مهمة الناخب في الإدلاء بصوته في استمارة واحدة وباختيار قائمة واحدة خاصة اذا ضمنا مقعد المرأة ضمن القائمة, وحيث سيختار الناخب رمزا انتخابية واحدا يرمز للقائمة التي يريدها سواء كانت حزبية أو مستقلة. وعلي أي حال فالانتخابات المقبلة ستكون نقلة جيدة ولكنها ليست بالكبيرة, وذلك بالابتعاد عن الانتخاب الفردي وهو أسلوب معيب لأنه يفرز النائب الخدمي الذي يستطيع تقديم خدمات صغيرة لأهالي دائرته بغض النظر عن كفاءته وقدرته علي التشريع والمراقبة والمساءلة وحيث تظل الغلبة في هذه الانتخابات للعصبية والمال والبلطجة وهذه وإن عكست رغبة جزء من الشعب فهي لاتعبر عن إرادة كل الشعب. إن تعديل قانوني مجلسي الشعب والشوري لتكون الانتخابات بالقائمة النسبية غير المشروطة ضروري لإفراز مجالس تشريعية لديها القدرة علي التشريع والمراقبة والمساءلة ومؤهلة لانتخاب الجمعية التأسيسية والمشاركة فيها لإعداد الدستور الجديد.