هنا هو اسم ديوانه الأخير: كأنه هو.. وفريد أبو سعدة شاعر كبير له دواوين عديدة متميزة, كما أنه حاصل منذ عامين علي جائزة الدولة التقديرية فهو ليس شاعرا شابا ولد شاعرا تحت الاختبار لكنه متميزا كما أنه شاعر يحس الحياة من حوله ولا يحلق بعيدا في متاهات الغموض والسحب القاتمة بلا مطر, حيث يروق للكثير من الشعراء الشبان الذين ينتهزون تسامح قصيدة النثر أن يبحثوا جاهدين عن الألفاظ المبهمة ويلضمونها غضبا في عقود واهية لايلبسها أحد. فريد أبوسعدة في ديوانه هذا يحس ويدرك ويعبر ويوصل النبضات إلي القارئ فيوقف فيه أحاسيس كانت تبدو له شيئا عاديا!.. إنه يلون تلك الأحاسيس بالألوان الوحشية أحيانا وبالألوان الرهيفة الشفيفة أحيانا محافظا علي جماليات العزف في الحالين..وهذه هي دراما الحياة في تقلباتها ترك الصورة ومضي توقف في الصالة قليلا ثم ذهب.. تأكد بنفسه من علق صنابير الماء والغاز دلف إلي حجرة النوم وقبل زوجته ثم أحكم الغطاء علي الأولاد دائما الود يرفس الغطاء دائما البنت تنسي الموسيقي كل شيء في مكانه ابتسم وذهب هو الآخر إلي مكانه في الصور العائلية أهناك أجمل من هذه الصور الأبوية الحانية للتعبير عن رعاية الأب لأسرته حتي بعد أن أصبح مجرد صورة في برواز؟ وهذه صورة أخري: بعد موته بسنوات عثرت علي خطابات غرامية وصور لأخري! هوت علي الكرسي مذهولة وقررت أن تعاقبه نعم.. عندما يعود في الليل.. متأخرا كعادته لن تلقي له المفتاح ستتركه ينادي دون أن تتحرك من فراشها ستتركه وحيدا; تعيسا كما هي الآن! فريد أبو سعدة يعطي نموذجا حيا لما يجب أن يكون عليه الشعر الآن في عصر الدراما التي تحاصر القارئ والمشاهد في كل مكان وفي كل اتجاه.. إنه يقطر الجمال في كاساته البلورية الشفيفة حتي يستمتع الشارب بالشكل وبالمذاق وصولا إلي النشوة الكاملة.