علي وقع وضع أمني متوتر ومساع دولية وإقليمية مكثفة لإيجاد تسوية شاملة للأزمة في ليبيا, تستأنف لجنة الصياغة الموحدة المكلفة بتعديل اتفاق الصخيرات السياسي الذي وقعته الأطراف الليبية أواخر عام2015, أعمالها أمس في تونس العاصمة, للتوصل لصياغة نهائية للتعديلات المحدودة المطلوب إدخالها علي بنود هذا الاتفاق, وذلك وفقا للخطة التي أعلنها مبعوث الأممالمتحدة إلي ليبيا غسان سلامة. ويأتي اجتماع اللجنة, التي تضم ممثلين عن مجلس النواب والمجلس الأعلي للدولة في ليبيا, استكمالا لما توصل إليه الفرقاء الليبيون في اجتماعاتهم التي عقدت في تونس نهاية سبتمبر الماضي برعاية أممية, بهدف التوافق علي هذه التعديلات المطلوبة. وقد توصلت الأطراف الليبية خلال هذه الاجتماعات التي استمرت علي مدار أسبوع, إلي أربع نقاط هي: إعادة هيكلة المؤسسات التنفيذية الحالية بما يحقق أكبر قدر من التوافق بين الفرقاء الليبيين, ووفقا لهذه التعديلات سيتم خفض عدد أعضاء المجلس الرئاسي من تسعة إلي ثلاثة أعضاء, وضم أعضاء من المؤتمر الوطني العام السابق إلي المجلس الأعلي للدولة, إضافة إلي تحديد صلاحيات المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني بعد فصله عن مجلس الوزراء, فضلا عن مسألة وضع القيادة العسكرية في البلاد. ويمثل تعديل بعض بنود اتفاق الصخيرات, المرحلة الأولي من خطة العمل من أجل ليبيا التي أعلنها مبعوث الأممالمتحدة خلال الاجتماع رفيع المستوي حول ليبيا, الذي عقد بمقر الأممالمتحدة في نيويورك يوم20 سبتمبر الماضي, بحضور قادة كل من مصر وبريطانيا وإيطاليا وفرنسا وممثلين عن الدول المعنية بالأزمة في ليبيا. وتتضمن هذه الخطة ثلاث مراحل: تبدأ الأولي باجتماعات لجنة الصياغة الموحدة لتعديل الاتفاق السياسي, وبعدها تنطلق المرحلة الثانية التي تقضي بعقد مؤتمر وطني موسع يضم مختلف الأطياف السياسية الليبية برعاية الأممالمتحدة, لاختيار المسئولين التنفيذيين في المجلس الرئاسي الثلاثي وحكومة الوفاق الوطني, متضمنة إجراء حوار مع التشكيلات المسلحة بهدف إدخالها في الحياة السياسية والمدنية وتقديم مبادرة لتوحيد الجيش الوطني, فيما تشمل المرحلة الثالثة تهيئة الأجواء لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية. وشدد المبعوث الأممي علي أنه لن يتواني عن الانتقال إلي المرحلة الثانية من خطته التي تتضمن تشكيل مؤتمر وطني عام موسع بمشاركة جميع الأطراف في حال تعثرت المرحلة الأولي من الخطة ولم يتوافق الفرقاء الليبيون علي هذه التعديلات. وقام سلامة بجولات مكثفة في عدد من العواصم, وفي مقدمتها القاهرةوتونس وباريس وروما, بهدف حشد الدعم والتأييد لخطته الرامية لتحقيق السلام والاستقرار في ليبيا وهو ما تحقق بالفعل. فعلي الصعيد الإقليمي أعلنت مصر دعمها الكامل لخطة الأممالمتحدة لإحلال السلام في ليبيا, وذلك خلال لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرس, علي هامش الاجتماعات الأخيرة للجمعية العامة للمنظمة الدولية, حيث شارك الرئيس السيسي مع عدد من قادة العالم في الاجتماع رفيع المستوي حول ليبيا والذي عقد في نيويورك. كما أكد وزير الخارجية سامح شكري هذا الدعم خلال اتصالاته مع سلام.. والموقف نفسه الداعم لخطة الأممالمتحدة عبرت عنه أيضا كل من الجزائروتونس. وفي هذا الإطار كانت مصر, قد استضافت مؤخرا مجموعة من القيادات العسكرية والسياسية من الشرق والغرب الليبيين بهدف تقريب وجهات النظر فيما بينها, وقد اتفق المجتمعون علي مجموعة من المبادئ, ومنها: وحدة ليبيا وسيادتها وأمنها وسلامتها وتأكيد حرمة الدم الليبي, والالتزام بإقامة دولة مدنية مبنية علي مبادئ التداول السلمي للسلطة والتوافق وقبول الآخر. كما حظيت خطة المبعوث الأممي بشأن ليبيا بدعم اللجنة الرباعية المكونة من الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية, حيث رحبت اللجنة بالتسلسل السياسي الذي حددته الخطة لإحلال السلام والمصالحة في ليبيا. هذا التأييد والدعم الإقليمي والدولي الواسع لخطة المبعوث الأممي إلي ليبيا, ربما تنعش الآمال في نجاح هذه الخطة في التوصل لتسوية شاملة للأزمة الليبية رغم تعقيداتها السياسية والعسكرية.