تبدأ الدراسة ويبدأ معها قلق الأمهات وارتباك البيوت بسبب تغير نمط الحياة من فوضوي إلي منظم, أو بسبب انخفاض مستوي التحصيل لأحد الأبناء. ويقصد بالتأخر الدراسي هو تدني نسبة التحصيل عن المعدل المتوقع مقارنة بباقي التلاميذ الذين بالمرحلة العمرية نفسها. وعلي الرغم من تداخل مصطلح التأخر الدراسي بمفاهيم أخري مثل بطء التعلم, والتخلف الدراسي وصعوبات التعلم إلا أن الأمر ذو علاقة وثيقة بإنخفاض معدلات الذكاء وسوء التنشئة الاجتماعية, ويتجلي ذلك في ضعف الانتباه والذاكرة والتركيز; كما يجد هؤلاء التلاميذ صعوبة في التعامل مع الأرقام والرموز وفهم ما وراء المعني وكثرة السرحان والبعد عن المنطق. وبالتالي تنعكس سماتهم العقلية المنخفضة علي ثقتهم بأنفسهم وارتفاع نسبة الخجل والميل للعزلة والكسل والانطواء. ويري المتخصصون أن الأسباب وراء التأخر الدراسي متعددة الأبعاد فقد يكون السبب سوء التغذية أو لعلة بالجسد مثل ضعف البصر أوالسمع أو فقر الدم أو إصابات المخ وغيرها من الأمراض الجسدية. وهنا لابد من تدخل الطبيب وسرعة العلاج والمتابعة. وهناك أسباب اجتماعية وأسرية وتكنولوجية مثل جو الأسرة المفعم بالصراعات بين الأبوين أو الإهمال الزائد أو الاهتمام المبالغ فيه. أو فقر الأسرة الذي يدفع الطفل للعمل, وبالتالي يتحول كل انتباه لجمع المال لإسعاد أسرته وشراء قطعة حلوي يشتهيها فيتشتت ذهنه ويقل اهتمامه نحو هدف آخر أهم من وجهة نظره وعقليته المحدودة, وبالتالي يتكرر غياب التلميذ سعيا وراء تلبية احتياجاته فيفقد تركيزه وعلاقته بالمدرسة والعلم. أيضا من الأسباب الأسرية المدمرة التفرقة بين الأبناء والتي تؤدي إلي كآبة النفس, فالشعور بالظلم وافتقاد الطفل القدرة التحليلية والإداركية تجعله يضطرب نفسيا. وقد يكون طموح الأسرة أكبر من إمكانيات الابن, كأن يأمل الأب أن يكون ابنه مهندسا وهو لايحب مادة الحساب فيصاب بالإحباط وينتهي الأمر بفشل في التحصيل الدراسي. كما ساهمت التكنولوجيا في سرقة انتباه وتركيز الجميع وهو أمر معروف. أيضا المدرس الذي يفتقد مهارات التعامل لأن شخصيته غير جذابة أو عدواني أو لكثرة الواجبات وطبيعة الامتحانات غير العادلة أو التفريق بين التلاميذ والسخرية منهم أو العنف والتسلط. كلها أساليب تربوية خاطئة ومرفوضة وتجلب الشقاء لأطفالنا وتدمر من مهاراتهم وقدراتهم العقلية. وثمة إجماع بين المتخصصين علي أهمية جو المدرسة وشخصية المدرس وكفاءته في التعامل المعتدل والاكتشاف المبكر لحالات التأخر الدراسي فدور المعلم مهم ومؤثر. كما تنعكس البيئة المدرسية الصحية علي الاستقرار النفسي ومستوي التحصيل الدراسي. وأخيرا, حتي نقضي علي مشكلات أبنائنا نحتاج إلي معلم يقظ يستطيع كشف حالات التأخر الدراسي مبكرا حتي يتم علاجها وتوجيهها بالشكل السليم. كما نحتاج لأم واعية ناضجة تعرف أسس التربية السليمة وتعي قيمة ومسئولية الأبناء إذا كنا نهدف للتغيير.