أي قوة تدفع البشرية نحو هذه الرغبة المحمومة في الفناء الجماعي.. ومن منا ليس مشغولا ولو علي سبيل التطفل بأحاديث وأمارات نهاية الكون.. لكن لماذا الأمر لم يعد مزعجا. . تراها رائحة الخوف ودماء ضحايا الحروب والمجاعات بكل شبر علي أرض المعمورة جعلت كوكبنا حلقة من النار الفرار منها رأس الحكمة ولو إلي الموت.. أو تري ربما ماعاد شيء مبهج بأيامنا يدفعنا للتشبث بكوكب يغرق ثلثا أهله في القهر والفقر والمرض.. أو البقاء فوق خريطة عبثية تشتعل من أطرافها إلي أطرافها بفعل حفنة من الحكام الموتورين إلا ما رحم ربي.. منذ مطلع شهر أغسطس الجاري ولا حديث للعالم إلا عن الفناء القادم عبر الفضاء مع بداية ظاهرة الكسوف.. أشهر المثقفين المسيحيين حول العالم اختلفوا في تحليل سبب الظاهرة المنتظر حدوثها في21 الجاري, البعض منهم يعتقد بأن الأمر برمته لا يعد حدثا علميا عظيما, بقدر ماهو إشارة سماوية لنهاية الكون وعودة المسيح.. اليهود لهم أيضا نفس الرأي تقريبا لكنهم بالطبع ينتظرون مخلصهم ومسيخهم الدجال.. أما المسلمون فهم يتفقون كذلك لكنهم يتحدثون عن النجم الثاقب الذي ورد ذكره في سورة الطارق.. وهو مايذهب إليه أيضا العالم ديفيد ميد الذي حذر من إمكان اصطدام الكوكب الغامض نيبيرو بالأرض في عام2017, فوفقا لنظريته فإن كسوف الشمس الذي سيحدث يوم21 أغسطس يشير إلي أن هذا الكوكب الذي لم يلاحظه العلماء من قبل, علي وشك أن يصطدم بكوكبنا بحلول يوم23 سبتمبر المقبل وما يستتبعه ذلك من دمار كامل لكوكبنا ويستعين ميد بعدة مقاطع من الكتاب المقدس لدعم ادعائه, وعلي الرغم من عدم وجود أدلة علي وجود هذا الكوكب الذي أوضحت ناسا سابقا أنه مجرد خدعة بالإنترنت, إلا أن كثيرا من الناس يعتقدون أنه حقيقي ومنهم مارك بليتز الأستاذ الجامعي بكلية الحقوق جامعة أوكلاهوما الأمريكية, الذي يقول: بالرجوع للكتاب المقدس, نجد أن الكسوف الشمسي المقبل ما هو إلا إشارة من الله باقتراب النهاية.. ولعل المثير والمريب في آن هو أن وكالة ناسا اعترفت قبل عدة أيام ولأول مرة بوجود الكوكب المجهول إكس في النظام الشمسي, لكنهم يرون أنه لإكمال هذا الكوكب دورة كاملة حول الشمس, يحتاج من10 إلي20 ألف سنة أرضية. ورغم ذلك تبقي صرخات المتنبئين والروحانيين ومفسري الأحلام بأن هذا العام سيشهد حدثا جللا هم بالطبع يشيرون بطرف خفي إلي ظهور الإمام المهدي الذي يعيد الخلافة علي غرار عهد النبوة ويفتح ابواب الدنيا أمام رحابة الإسلام ويملأ الأرض عدلا بعدما ملئت جورا وتنتهي علي يده المجاعات والحروب والفقر ويحثو المال حثوا ولا يعده عدا وسيعيش المسلمون تحت رايته سنوات من الرخاء التام تنسيهم قسوة ما عانوه من قهر وفقر.. كل منا إذن ينتظر مخلصه لافرق في ذلك بين ديانة وأخري ربما هو اليأس قاسم مشترك يجمعنا.. فما عاد كما قلت آنفا شيء مبهج فوق خريطة تحيطها الحرائق والدماء من كل مكان. ويقال إن الخليفة عمر بن عبد العزيز أرسل إلي الحسن البصري يطلب منه أن يجمع له في كلمات موجزة أمري الدنيا والآخرة.. فكتب البصري: إنما الدنيا حلم والآخرة يقظة والموت متوسط ونحن في أضغاث أحلام.. من حاسب نفسه ربح ومن غفل عنها خسر ومن نظر في العواقب نجا ومن أطاع هواه ضل ومن حلم غنم ومن خاف سلم ومن اعتبر أبصر ومن أبصر فهم ومن فهم علم ومن علم عمل.. فإذا زللت فارجع وإذا ندمت فاقلع وإذا جهلت فاسال وإذا غضبت فامسك هكذا لخص الدنيا والآخرة فلا تنشغلوا كثيرا فقدر الله آت لا محالة.