التنين الصيني غاضب من كوريا الجنوبية لموافقتها علي نشر نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي المعروف اختصارا باسم ثاد. فالنخبة الحاكمة في الصين تري أن نشر ثاد في مكان قريب منها يمكن أن يرجح كفة التوازن الأمني لصالح الولاياتالمتحدة, لا سيما في ظل التنافس المحتدم بين القوتين العظميين في الإقليم. فمنظومة تي أتش إيه إيه دي أو ثاد تشكل بداية لعصر جديد من حرب النجوم في منطقة شرق أسيا حيث إنها قادرة علي إصابة الصواريخ بعيدة المدي علي ارتفاع يصل إلي نحو150 كيلومترا. ويري التنين الصيني ان نشر تلك المنظومة يهدف الي التجسس علي شبكاته الجوية الاستراتيجية وأمنه الجوي, و يشكل تهديدا عمليا جادا للأمن الاستراتيجي للتنين; سيما أن رادار إكس باند التابع لنظام ثاد يمكنه أن يغطي مناطق أبعد من شبه الجزيرة الكورية, وهو ما يضر بالمصالح الأمنية له. التنين يري ان الكوريين تآمروا عليه مع الامريكيين وهو الذي أسهم في ازدهارهم; ففي عام1992 لم يتعد حجم التبادل التجاري بين الصين وكوريا3,6 مليار دولار, لكن هذا الرقم وصل الي أكثر من220 مليار دولار أي أنه تضاعف أكثر من35 مرة. الميزان التجاري بين كوريا الجنوبيةوالصين شهد هو الآخر الكثير من التغيير. شهد هذا الميزان في عامه الأول عجزا بنحو مليار دولار علي كوريا, لكن هذا العجز تحول خلال تلك السنوات إلي فائض تراكمي لصالح كوريا بلغ270 مليار دولار, كل ذلك تم خلال عشرين عاما فقط تحولت فيها الصين من مجرد مارد صناعي منتج إلي مستهلك عالمي ضخم, وتحولت خلالها كوريا إلي أكبر شريك تجاري للصين, وحاول الرئيس الكوري الليبرالي الجديد مون في محاولة لارضاء التنين الصيني أن يبطئ نشر بطاريات ثاد مغضبا عسكرية ورغم ان البنتاجون الامريكي اظهر له في حسم انه لا تراجع عن نشر ثاد ولا نكوص الا أن الرئيس مون تذرع بما أسماه القيام بعملية تقييم بيئي تمهيدا لانتهاز أي فرصة للتملص من نشر ثاد, وفق استراتيجيته الداعية الي اجراء حوار مع كوريا الشمالية. ولكن كوريا الشمالية لم ترد علي دعوته, بل قامت بإطلاق صاروخين من فئة الصواريخ البالستية العابرة للقارات الشهر الماضي. وقد اعتبر مون هذا التحرك استفزازا يمكنه أن يغير التركيبة الأمنية في شمال شرق آسيا بشكل جوهري. وتبني مون موقفا صارما بعد إطلاق كوريا الشمالية صاروخا ثانيا في الثامن والعشرين من يوليو/تموز بما في ذلك فرض عقوبات أحادية محتملة ضد كوريا الشمالية كما أمر بتسريع تركيب لأربع قاذفات إضافية لمنظومة ثاد لتعزيز القدرات الدفاعية للبلاد.يذكر أن بطارية ثاد تتكون من ست قاذفات, إلا أنه تم تركيب قاذفتين فقط في كوريا الجنوبية. مما أدي الي خيبة امل التنين من الرئيس الكوري الجديد. كوريا الجنوبية, سواء شاءت أم أبت, أضحت في مقدمة المواجهة ضد التنين الصيني الذي أرسل رسالة واضحة بأن نشر ثاد من شأنه حتما أن يقود إلي توتر العلاقات مع كوريا الجنوبية. ومع ذلك, فإن كوريا الجنوبية تمضي قدما في خطتها من أجل حماية أمنها القومي. ولطمأنة حلفائها تنشر واشنطن اصولا استراتيجية واخرها الطلعات الجوية للمقاتلتين الأمريكيتينB-1B فوق كوريا الجنوبية, بهدف إظهار قدرة الحلفاء علي نشر قوة نيران كبيرة جدا عبر شبه الجزيرة في فترة قصيرة من الزمن. خبير في الشئون السياسية والإستراتيجية