جلس مينا داخل غرفته الضيقة بالشقه المستأجرة التي يقيم بها بعزبة الهجانة في حالة يرثي لها يسيطر عليه الحزن والحسرة ناقما علي الظروف المعيشية السيئة التي يمر بها والضائقة المالية التي يواجهها في الآونة الأخيرة يفكر بإمعان في كيفية تدبير نفقات أبنائه الصغار التي تتزايد يوما بعد الآخر وفجأة عاد بذاكرته إلي الوراء متذكرا تعاسته منذ نشأته في أسرة فقيرة توفر قوت يومها بالكاد واعتماد والده الذي يعمل حارس إحدي العقارات عليه في صباه في تدبير احتياجات الأسرة مما كان سببا في ترك دراسته في مراحلها المبكرة وتنقله بين الورش المنتشرة بمنطقة سكنه لتعلم حرفة أو صنعة تعينه علي الحياة. مرت تلك اللحظات طويلة كالدهر عاد بعدها الي واقعه الذي يعيشه فخرج من منزله متوجها إلي ورشة الحدادة التي يستأجرها بإحدي المناطق الشعبية للهروب من كثرة التفكير يجرجر قدميه بصعوبة بالغة إلي أن استقر في إحدي أركانها, وأثناء مكوثه داخل الورشة حضر إليه أحد السائقين يدعي حمادة طالبا منه إجراء بعض الأعمال والإصلاحات بالسيارة التي يعمل عليها, حيث تبادل الاثنان الحديث وتوطدت علاقة صداقة قوية بينهما. بدأ حمادة يتردد كثيرا علي ورشة مينا يتحدثان عن أوضاعهما وظروفهما المعيشية الصعبة وعدم احتمالهما لها وتهربهما الدائم من الديون المتراكمة عليهما وأثناء حديثهما طرقت فكرة شيطانية علي رأس مينا سيطرت علي كل حواسه بعد ان مر شريط حياته امام عينيه كالومضات سريعا عن علاقة والده القوية والمتشعبة بالقساوسة بكنيسة أبو سيفين بعزبة الهجانة والذين يقومون بمساعدته باستمرار حيث حاول استغلال ذلك بالقيام بخطف شقيقه مدحت سائق التوك توك ومساومة والده علي دفع فدية وعرض فكرته علي صديقه حماده الذي لم يتوان في التفكير, حيث رحب سريعا بها وبدأ الاثنان يخططان لكيفية تنفيذ مخططهما الاجرامي دون ان تدور حولهما الشبهات الا ان مرادهما الشيطاني لم يكتب له النجاح. كان اللواء محمد منصور مدير الادارة العامة لمباحث القاهرة قد تلقي إخطارا من اللواء نبيل سليم مدير المباحث الجنائية يفيد بورود بلاغ إلي المقدم وائل غانم رئيس مباحث قسم مدينة نصر أول من ناجح شحاته49 سنة حارس عقار بتغيب ابنه مدحت22 سنة سائق توك توك ومقيم بذات العنوان وورد إليه اتصال هاتفي من هاتف محمول محدد قرر خلاله المتصل بتواجد ابنه بصحبته وطلب منه دفع600 ألف جنيه نظير إطلاق سراحه ثم عاود الاتصال به تليفونيا وأخبره بتخفيض المبلغ إلي500 ألف جنيه. تم تشكيل فريق بحث أشرف عليه اللواء محمد منصور مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة باشره اللواءان محمود أبو عمره نائب مدير مباحث العاصمة ونبيل سليم مدير المباحث الجنائية ترأسه العقيد هاني محفوظ مفتش مباحث الفرقة ضم ضباط مباحث قسم مدينة نصر بقيادة المقدم وائل غانم رئيس المباحث لكشف غموض الواقعة والقبض علي المتهمين. وبتكثيف التحريات تبين أن وراء ارتكاب الواقعة مينا ناجح ابن المبلغ وشقيق المجني عليه30 سنة حداد ومقيم بذات العنوان وحماده فتحي36 سنة سائق ومقيم المعصرة وله محل إقامة آخر أطفيح/ جيزة. عقب تقنين الإجراءات واستصدار إذن من النيابة وبإعداد الأكمنة اللازمة بمعرفة المقدم وائل غانم رئيس المباحث ومعاونة النقيب مازن خاطر أمكن ضبطهما وبصحبتهما المجني عليه بمكان احتجازه بمسكن المتهم الثاني وبسؤال المجني عليه اتهمهما باختطافه واحتجازه. وباقتياد المتهمين إلي ديوان القسم وبمواجهتهما بما ورد من معلومات وما أسفرت عنه التحريات اعترفا بارتكاب الواقعة وقرر الأول بأنه تعرف علي المتهم الثاني أثناء قيامه بإجراء بعض الإصلاحات للسيارة ملكه واتفقا علي اختطاف المجني عليه ومساومة والده علي إطلاق سراحه مقابل المبلغ المشار إليه وذلك لعلمه بعجز والده عن دفع الفدية وأنه سيلجأ إلي القساوسة بكنيسة أبو سيفين الكائنة بمنطقة عزبة الهجانة دائرة القسم لمساعدته في دفع مبلغ الفدية, حيث توجه المتهم الثاني بالسيارة ملكه رقم ه ر د278 نقل حمراء اللون وتمكن من استدراج المجني عليه وتوجه إلي محل إقامته بمحافظة الجيزة, حيث قاما باحتجازه ومساومة والده علي إطلاق سراحه وبمواجهة المتهم الثاني بما جاء بأقوال الأول أيدها وأرشد المتهمين عن السيارة المستخدمة في ارتكاب الواقعة. تم تحرير محضر للمتهمان وبإخطار اللواء خالد عبد العال مساعد أول الوزير لأمن القاهرة أمر بإحالتهما إلي النيابة التي تولت التحقيق.