دائما ما أقول عن قناعة وإيمان إن تربة مصر زاخرة بالمواهب فهي تربة خصبة تنبت فيها الخامات الواعدة. ومما لا شك فيه أن هذه التربة تستطيع أن تنجب طه حسين آخر وعقاد آخر وأم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم ومختار ومحمود سعيد وشوقي وحافظ وغيرهم وغيرهم من أساطين الأدب والشعر والغناء والنحت والتصوير, كل ما في الأمر أن نعمل ونبحث لاكتشاف هذه المواهب والتعرف علي إبداعاتهم والأخذ بيدهم لنراهم وهم نجوم تضيء سماء المحروسة وتضاعف من قوتها الناعمة, وفي هذا السياق أنوه بما حققه طلاب جامعة المنيا من جوائز في مسابقة إبداع الثقافية والفنية التي نظمتها وزارة الشباب والرياضة علي المسرح الكبير بجامعة القاهرة وشارك فيها عدة آلاف من طلاب وطالبات الجامعات والمعاهد العليا والأكاديميات المنتشرة في ربوع مصر فقد حصل طلاب جامعة المنيا علي المراكز الأولي في الدوري الثقافي والمعلوماتي وحقق ستة منهم لقب البطولة واقتنص كل واحد منهم جائزة مالية قدرها ثلاثة آلاف جنيه إضافة إلي ذلك فاز طلبة المنيا أيضا بمراكز متقدمة في مسابقات الأشغال الفنية والنحت المتخصص والنحت غير المتخصص والتصوير الزيني.. وفي السياق أيضا ننوه ببعض من الشباب كتبوا أسماءهم ووضعوا بصمتهم علي خريطة التفوق والإبداع, فهذا شاب لم يتجاوز عمره سبعة عشر عاما من أبناء إحدي قري مركز المحلة وهو طالب بالمرحلة الثانوية استطاع بموهبته في الرسم أن يفوز في مسابقة فنية عديدة إنه الشاب أحمد عبد النبي الذي نبغ في الرسم وهو في المرحلة الابتدائية ولقي التشجيع من أسرته ومدرسيه حتي بلغ به التحدي أن يقيم معرضا لرسوماته في قصر ثقافة المحلة الكبري وفاز بشهادات تقدير من مدرسته ومن قصر الثقافة بالعربية ومن الإدارة التعليمية بالمحافظة, وأيضا هناك الشاب محمود رضوان ابن مدينة الزقازيق وهو خريج كلية اللغة العربية جامعة الأزهر وعمره24 عاما, وكان الرسم هوايته منذ نعومة أظافره ودرب نفسه علي فنيات الرسم واستطاع أن يفوز بالمركز الأول علي مستوي الجامعة الأزهرية إضافة إلي ذلك فاز بالمركز الأول في الشعر,وبالقطع هناك العديدو العديد من أمثال هؤلاء الشباب في جامعاتنا وفي قري ونجوع ومدن مصر متفوقون ونابغون في مختلف ألوان الموهبة سواء كانت فنية أو أدبية أقول ذلك لأصل إلي هدفي إذ كنت أود أن أستمع أو أشاهد لقاءات وبرامج عن هؤلاء المتفوقين في إذاعات وشاشات الإعلام الإقليمي وكيف حقق هؤلاء الشباب أهدافهم وكيف كافحوا من أجل إثبات ذواتهم وكيف بذل كل منهم جهده وعرقه لكي يصل إلي ما حصل إليه ثم في آخر الأمر يفوز ويحرز قصب السبق اكتشاف المواهب في الأقاليم والنجوع والقري من أهم الأدوار التي يجب أن تقوم بها إذاعات وشاشات الإعلام الإقليمي إذ عليها أن تبحث وتنقب عند هذه المواهب لتصقلها وتعطها الفرصة لكي تضاعف من نشاطها وأن يعمل هذا الإعلام علي حل مشكلة هذه المواهب ليحفزها علي المزيد من النجاح, هذا الإعلام ليس مجاله فقط أن ينشر عبر الأثير تحركات السيد المحافظ وأخبار رؤساء الأحياء والمدن إنما عليه أن يحل مشكلات الجماهير, وأن ينقب عن الخامات الدفينة. أذكر أن الإذاعة في مطلع خمسينيات القرن الماضي هي التي اكتشفت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد عندما سمع مدير الإذاعة آنذاك أن هناك قارئا مجيدا في أعماق الصعيد فأرسل طاقما قام بالتسجيل له في أثناء تجويده آيات الذكر الحكيم في أحد مساجد مديرية قنا والاذاعة المصرية هي التي اكتشفت الأبنودي وأمل دنقل وغيرهما من نجوم الشعر والأدب والغناء. هذا هو دور الإعلام الإقليمي المنتشر في ربوع مصر وعليه أن يجوس خلاله الأقاليم ليكتشف لنا خامات واعدة بالعطاء للوطن إذا لم يفعل الإعلام الإقليمي ذلك فإنه يكون كالمنبت الذي لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقي.