إسرائيل تسعي للاستيلاء علي وثائق مصرية

تحت ستار القمامة المقدسة

في نهايات القرن التاسع عشر كان حلم الوطن القومي لليهود في حالة مد الانتصارات فكرة القومية اليهودية واقعا يكاد يكون ملموسا‏.‏ لهذا‏,‏ وبمجرد اكتشاف وثائق الجنيتزا بالقاهرة بكنيس بن عزرا‏1896.‏ بدأ تهريبها علي الفور باعتبارها تحفظ بين أوراقها الجافة تاريخ اليهود بمصر والمنطقة المحيطة منذ القرن الحادي عشر‏.‏
الجنيتزا أو الجنيزة هي وثائق لاتحمل في ذاتها قداسة‏,‏ لكن قوانين المعابد اليهودية كانت تلزم اتباع الديانة بتسليم كل ورقة يقومون بالكتابة عليها باللغة العبرية الي المعبد‏,‏ وذلك حتي يتم حفظها باعتبار اللغة العبرية لغة مقدسة لايصح إهمال أوراقها‏,‏ فتكونت علي مدي القرون وثائق ترصد المعاملات المالية والتجارية والعلاقات بين اليهود في مصر وبعضهم البعض وبينهم وبين الدولة وبينهم وبين جيرانهم من المسلمين والمسيحيين‏.‏
وعلي مدار السنوات المائة الماضية منذ بدأت الأبحاث علي وثائق الجنيتزا‏,‏ لم تنشر سوي بضعة أبحاث قليلة مما جعل بعض الباحثين يرجحون ان الأوراق التي عثر عليها تفند في ذاتها الكثير من المزاعم التي يرويها يهود إسرائيل حول نهب ثرواتهم والإساءة اليهم خلال حياتهم في مصر وفلسطين‏.‏
الوثائق التي ترصد معاملات اليهود وكتاباتهم وجدت طريقها الي باحثين من إنجلترا ثم الي اسرائيل لاحقا ليصدر قبل ايام في الولايات المتحدة اول كتاب عن تاريخ الجنيتزا‏GenEtza‏ وأهميتها وكيفية جمع اوراقها المهترئة ليكتب من خلالها التاريخ اليهودي في الدولة الإسلامية بداية من القرن التاسع وحتي القرن الثالث عشر الميلاديين‏.‏
الكتاب الصادر في الولايات المتحدة تحت عنوان القمامة المقدسة‏,‏ العالم الذي فقد ثم وجدناه او‏Sacredtrash‏ يتتبع حركة الباحثين الذين تعاملوا مع وثائق الجنيتزا بداية من سولومون شيليختر‏(1847‏ 1915).‏ ويشترك في تأليفه الباحثان أدينا هوفمان وروبرت كول‏.‏
ويرصد الكتاب كيف اهتم الباحثان‏(‏ اللذان لهما اصل يهودي في الغالب‏)‏ بإعادة جمع مزق الأوراق التي تكفل جو القاهرة الجاف بالحفاظ عليها لقرون كما تقول مؤلفة الكتاب أدينا هوفمان‏.‏
يأتي صدور الكتاب وسط مطالبات جديدة من جماعات يهودية في إسرائيل بالحصول علي ماتملكه دار الكتب والوثائق المصرية من مستندات الجنيتزا‏(‏ الجنيزة‏),‏ التي يعدونها حقا لهم‏,‏ في حين يرد باحثو التاريخ المصريون بأن هذه الوثائق ترصد جوانب من الحياة الاجتماعية في مصر ومنطقة المشرق العربي‏.‏ واحتفلت اسرائيل عام‏1996‏ بمرور مئة عام علي اكتشاف وثائق الجنيتزا في مصر التي يرون فيها إثباتا لوجودهم علي ارض فلسطين منذ بداية التاريخ الذي تعود اليه الوثائق‏(‏ القرن التاسع‏).‏
وطالب حضور مؤتمر يهود مصر الاول‏,‏ الذي انعقد عام‏2008‏ تحت عنوان المؤتمر الدولي الأول ليهود مصر‏,‏ بالحصول علي كل وثائق الجنيتزا التي تملكها الحكومة المصرية عبر دار الكتب والوثائق والمراكز البحثية بجمعيات مصر المختلفة ضمن ماطالبوا به من ممتلكات يهودية في مصر‏.‏ ويؤكد مؤلفا كتاب القمام المقدسة في نهاية كتابهما ان هذه الوثائق هي جزء من التراث والتاريخ اليهودي القومي في اشارة لتأكيد الرغبة في الاستيلاء علي ماتملكه مصر ودول عربية اخري‏,‏ أبرزها المغرب‏,‏ من وثائق‏.‏