علي الرغم من أهمية المهرجان القومي للمسرح المصري في الحركة المسرحية إلا أنه يشهد سنويا الكثير من الجدل الذي وارتفعت حدته هذا العام بعد التغييرات التي أجرتها الإدارة الجديدة تحت رئاسة الناقد الكبير د.حسن عطية والتي كان من بينها تقسيم المهرجان لمسابقتين, وهما المسابقة الرسمية التي تمنح جوائزها لجنة التحكيم ولا تزيد عروضها علي20, وقسم العروض المختارة ويمنح جائزة لعرض واحد من اختيار الجمهور بالإضافة إلي جائزة النقاد الشباب لعرض من اختيارهم, وانسحب بعض المخرجين من المهرجان اعتراضا علي هذا القسم, لكن قسم ضيف الشرف الذي تم استحداثه واستضافة دولة الإمارات فيه كان الأكثر إثارة للجدل وكذلك استضافة عرضين من العراق في القسم الجديد نظرة ما المهتم بمسرح الشارع, وفي هذا الحوار يرد د.حسن عطية علي كل التساؤلات التي أحاطت بالدورة العاشرة للمهرجان: ما تقييمك للدورة العاشرة من المهرجان؟ أعتبر نفسي آخر شخص يمكنه تقييمها لأنني المسئول عنها, ولكن باعتباري ناقدا أستطيع التحدث عن بضعة ملاحظات تواردت أمامي خلال هذه الدورة وقد تكون متراكمة من الدورات السابقة, أولا الإقبال الكبير جدا من الجمهور علي العروض المسرحية, وهو ما يحتاج منا إلي وقفة تأمل للرد علي تساؤلات مثل لماذا لا نري هذا الجمهور في نفس العروض المسرحية أثناء عرضها علي مدار العام؟, وهل الحالة المهرجانية هي الجاذبة للجمهور وهل بريق المسابقة يثير الفضول لمشاهدة العروض حتي يشارك الجمهور وجدانيا باختياراته في العروض؟, ولدينا الكثير من ردود الأفعال الإيجابية والسلبية سواء من جانب صناع العمل المسرحي أو الجمهور الذي يتفاعل بقوة مع المهرجان, ثانيا نحتاج لدور عرض مهيئة لاستقبال العروض المسرحية المختلفة داخل القاهرة ومنطقة وسط البلد بالتحديد التي توجد بها أغلب المسارح, وفي القاهرة الكبري المتسعة الممتدة من شبرا الخيمة للعياط وكذلك الأقاليم المختلفة حتي لا يتركز الجمهور والعروض في العاصمة فقط, فهو يسمي بالمهرجان القومي للمسرح المصري لذلك لا بد من استهداف الجمهور علي مستوي أنحاء الجمهورية, وهو ما يجعلني أفكر في تفعيل دور المهرجان ونقل عروضه لأكثر من مكان بحيث يكون لدينا في بعض الاقاليم مهرجان مصغر بمشاركة عدد من العروض وهذا يحتاج لاتفاقات مع المسئولين عن التنمية المحلية والمحافظات والثقافة الجماهيرية لأنه لابد ايضا من احترام الفنان وتوفير سبل الراحة له. وهل تري أن الأقسام الجديدة التي تم استحداثها حققت النجاح؟ نعم, بتأمل الفعاليات المتعددة التي حاولنا تنظيمها هذا العام, أستطيع أن أقول إن نجاح تجربة مسرح الشارع في هذه الدورة يجعلني أفكر في تخصيص قسم نظرة ما العام المقبل لمسرح الطفل البشري والعرائسي, بحيث تتاح الفرصة لتقديم العروض التي لا يسمح لها بالمشاركة في مسابقة المهرجان من خلال هذه الفعالية, ويستقبل مسرحي المتروبول والعرائس طوال فترة المهرجان عروض الأطفال, والعروض التي ستشارك لابد أن تكون إنتاج حديث بداية من الأن وحتي حلول دورة العام المقبل ليكون حافزا للفنانين للعمل وإنتاج عروض جديدة للأطفال, وتأمل أخري حول تقسيم المسابقة الي مسابقة رسمية ومسابقة موازية للجمهور في قسم العروض المختارة الذي أصبح بديلا لفكرة عروض الهامش, وتقديم جائزة باسم الجمهور تعتمد علي عينة عشوائية واستمارات استبيان, إلي جانب جائزة لجنة نقاد شباب من دارسي المسرح وأري أنها وسيلة لدراسة مدي التقارب أو البعد بين ذوق الجمهور وذوق النقاد, وأيضا دحض مقولة الجمهور عايز كدا ودراسة الجمهور وما يعجبه بشكل حقيقي من خلال نتائج الاستمارات التي يشرف عليها المركز القومي للبحوث الاجتماعية, وهذه الاستمارات شجعت الجمهور علي الحضور والمشاركة لأنه يطوق لإبداء رأيه في العملية المسرحية, كما شجعت جائزة المقال النقدي التي استحدثناها لأول مرة النقاد علي الاهتمام بمقالاتهم بشكل أفضل والحرص علي المشاركة, وستكون سببا في اكتشاف نقاد جدد. وماذا عن قسم ضيف شرف المهرجان الذي واجه الكثير من الانتقادات؟ استضفنا دولة الإمارات ويعتبر مسرحها غير متداول, لذلك كان من المهم تقديم نموذج منه في القاهرة للتعرف عليه ويجلس الموظفون والقائمون علي المسرح الإماراتي مع الجمهور المسرحي للحديث عن تجربتهم, والعام المقبل نفتح نافذة علي المسرح العربي في إفريقيا والمسرح الإفريقي أيضا لأننا في أمس الحاجة للمعرفة إذا كنا نؤكد وضع مصر في القارة الإفريقية والوطن العربي. وكيف تري الهجوم الذي شنه المسرحيون علي إدارة المهرجان بسبب هذا القسم الذي يعتبروه خروجا علي طبيعة المهرجان القومية؟ المهرجان مصري تماما ومسابقته مصرية, أما هذا القسم فهو مجرد ضيف لدولة واحدة وهي الإمارات, وبالنسبة للعراق فالعروض تشارك في قسم نظرة ما البعيد عن المسابقة بعروض مسرح شارع فالعراق هي الدولة العربية الوحيدة التي تنظم مهرجانا دوليا لمسرح الشارع, وفي مسرح الطفل سيكون هناك عرض لفرقة واحدة من تونس, فهي البلد الوحيد الذي ينظم مهرجانا دوليا لمسرح العرائس, وكلها عروض موازية خارج التسابق, والسؤال هنا معكوسا ما هي المشكلة في استضافة مسرحا عربيا للتعرف عليه؟ لماذا نبحث عن مشكلة ونري في كل شيء مشكلة؟ لماذا لا نري الأمر في حجمه الحقيقي, لدينا مهرجانا قوميا تشارك في مسابقاته مجموعة من العروض المتميزة, ولدينا ضيفا عربيا. علي الرغم من أن عمر المهرجان وصل ل10 دورات إلا أنه مازال يعاني أزمات تتعلق بالميزانية ألم يؤثر قسم ضيف الشرف علي ميزانية المهرجان؟ لا فالعرب المشاركون خارج ميزانية المهرجان, حيث إن القائمين علي العرض الإماراتي حضروا إلي مصر وأقاموا فيها علي نفقتهم, وأعضاء الفرقتين العراقيتين حضروا إلي مصر علي نفقتهم وتكفلت بإقامتهم العلاقات الثقافية الخارجية أي أنها من خارج ميزانية المهرجان تماما, ومن جانب آخر قمت بتوفير أكثر من200 ألف جنيه من الميزانية بإلغاء عرضي الافتتاح والختام اللذين لم تكن مدتهما تزيد علي10 دقائق وتكلفة كل منهما تزيد أحيانا علي170 ألف جنيه, وينتهيان بانتهاء المهرجان, وبدلا من هذا قدمت عرضا استعراضيا لدار الأوبرا في حفل الافتتاح, وفي الختام لا أحد ينتظر عرضا لأنهم يريدون معرفة النتائج وبالتالي اكتفينا بحفل مراسم وفيلم تسجيلي عن أيقونة المهرجان هذا العام الناقدة الراحلة د.نهاد صليحة, نسعي دائما نحو التطور وبالتأكيد لن يقف المهرجان عند عام البداية2006, د.أشرف زكي طور وترك بصمته في المهرجان ومن بعده ناصر عبد المنعم والآن دوري للسعي للتطوير حتي نتحرك للأمام, ومن المهم أن يكون هناك حراك فكري بيننا وبين الناس, فهو مهرجان الناس والحوار حوله يهدف لترقيته. أيعني هذا أنه من الممكن أن تفتح حوارا حول مدي نجاح هذه الأقسام وإمكان استمرارها من عدمه؟ بالطبع, لدي استعداد كامل لفتح حوار حولها, وربما يصل بنا الحوار لإلغاء أقسام واستحداث غيرها أو إلي إلغاء ضيف الشرف لأنه لا يوجد شيء مقدس لا يقبل المساس إلا الكتاب المقدس, ولكن من المهم طرح البدائل وخطة بديلة للتحرك لأنه لا يجب أن نتوقف عن الحركة والتطور, إذا ثبت أن العروض المختارة ليست لها أهمية لا توجد مشكلة في التراجع عنها, واللائحة يمكن تغييرها مرة أخري, فالدستور نفسه يمكن تغييره, لكن من المهم أيضا أن يقدم المنتقدون بدائل وحلولا أخري تدفع نحو التطور. لاحظنا غياب استمارات الاستبيان عن أحد العروض المشاركة في قسم العروض المختارة فكيف نضمن دقة نتائج جائزة الجمهور؟ حدث هذا في عرض واحد فقط وهو عرض الكبير وسأحقق في الأمر مع المسئولين عن ذلك لمعرفة الأسباب ومحاسبتهم, فنحن في النهاية نعمل مع بشر وهم معرضون للخطأ, لذلك سيخضع الأمر للتحقيق, وقد يكون هذا له تأثير علي النتيجة لكننا في النهاية نتتبع عينة ومن الصعب دراسة كل العروض وكنا علي استعداد لإعادة عرض الكبير إذا تظلم لكن هذا لم يحدث. البعض انسحب من المهرجان اعتراضا علي اختيار أعمالهم في قسم العروض المختارة رغم تقدمهم للمسابقة الرسمية فلماذا أعطتهم إدارة المهرجان حق الاختيار طالما أن القرار راجع للجنة المشاهدة؟ العروض تقدمت للجنة المشاهدة وكل عرض حصل علي مجموع درجات تقديرية, والعروض الحاصلة علي أعلي الدرجات هي التي تم اختيارها لدخول المسابقة الرسمية والعروض الأخري دخلت قسم العروض المختارة, ليس بالضرورة أن كل من تقدم للمسابقة الرسمية يستطيع أن ينجح لأن القرار للجنة المشاهدة التي تعرض أمامها هذه الأعمال لإبداء الرأي النهائي, واللجنة رأت أن بعض العروض التي لم يكن لها حظ مع المسابقة الرسمية لكنها عروض جيدة يمكن لها المشاركة في العروض المختارة, وبعض الأعمال التي تقدمت في الأساس للعروض المختارة رأت اللجنة أنها لا تصلح للمشاركة علي الإطلاق, كل دارسي الثانوية العامة يتمنون دخول كلية الطب لكن التنسيق في النهاية هو من يحدد إلي أين يذهب كل منهم. لماذا تم إلغاء بند اللائحة الذي يحدد مدة تولي رئيس المهرجان واللجنة العليا ب3 سنوات فقط؟ صحيح أن المدة غير محددة لكن من حق وزير الثقافة بناء علي إقتراح من لجنة المسرح تغيير رئيس المهرجان أو اللجنة العليا, لا أذكر الآن السبب في تعديل هذا البند ولكن لجنة المسرح في النهاية هي الفيصل وهي التي قامت باختياري ومن حقها اختيار رئيس آخر للمهرجان أو تحديد مدة توليه بعد سنوات محدد, ولكن المشكلة هي أن استعدادات المهرجان وإعداد اللائحة كان يحدث في نفس التوقيت الذي كانت تنهي فيه لجنة المسرح عملها, ومازلنا في انتظار تشكيل لجنة جديدة في أكتوبر المقبل, وبمجرد تشكيلها سيوضع ملف المهرجان بالكامل أمامها لأنه يتبعها بشكل أساسي, ولها الحق في اتخاذ القرار المناسب, حتي لو كان هذا القرار أن تكتفي بإدارتي للمهرجان في الدورة العاشرة فقط وتختار رئيسا جديدا له, أو أن تضع عدد سنوات محددا للمدة التي أتولاها. وما أهم الظواهر التي لاحظتها في العروض المسرحية المشاركة؟ لاحظت أن أغلب العروض تميل للاستعانة بنصوص أجنبية لا تلامس العصب العاري للحياة المصرية, وبعد قيام ثورتين أو ثورة أساسية وموجة تصحيح مسار صرخ فيها الناس في الشارع لا نجد في المقابل مسرحا يصرخ مع صرخات الناس, ولا يقف عند حد ترديد هذه الصرخات وإنما يجيب علي الأسئلة المطروحة علي الساحة, ولا أعرف سر هذا الهروب من جانب المسرحيين إما لعالم الميتفيزيقا أو للنصوص الاجنبية التي تتحدث عن الديموقراطية بكلمات رنانة لكنها لا تنكأ جرحا في المجتمع المصري, فالحديث عن الحرية والديمقراطية لا يزيد علي كونه مجرد بالونات لا تصنع مسرحيا حقيقيا, وإنما ما يصنعه هو طرحه القضايا الحقيقية الساخنة التي تدور في الشارع, خاصة أننا نمتلك قدرا من الحرية إلي حد كبير يسمح لنا بمناقشة القضايا, واسباب التخلف والتراجع الذي يشهده المجتمع الآن بعد أن كنا مجتمعا منطلقا ومتحررا منذ الثلاثينيات وحتي أوائل السبعينيات من القرن الماضي, فهذا يحتاج لمناقشة ودراسة للأسرة المصرية التي تفككت وللقيام بذلك لا يجب المرور عليها فقط بومضات سريعة في بعض العروض, لابد من التغلغل داخل المجتمع وقضاياه. وهل تم اتخاذ خطوات فعلية في سبيل تقديم العروض المسرحية في الأقاليم؟ لا ليس بعد ولكن سيتم التواصل مع د.أحمد مجاهد المسئول عن التنمية المحلية, لإتاحة الفرصة لتقديم عروض المسرح القاهرة في بعض الأقاليم, وتقديم عروض المسرح الإقليمي في القاهرة, مع احترام الفنان واستقباله بشكل جيد توفير ظروف إقامة جيدة خلال فترة تقديم العرض, للأسف مازلنا حتي الآن نعمل في جزر منعزلة فكيف تكون لدينا فعالية مهمة في الأقصر, وهي الأقصر عاصمة الثقافة العربية بالتزامن مع المهرجان ولا توجد علاقة بين الحدثين, كانت هناك محاولة مع د.أيمن عبد الهادي الرئيس السابق للعلاقات الثقافية الخارجية بأن تقدم بعض الفرق المسرحية المشاركة في المهرجان في الاقصر ولكن بعد تركه للمنصب فشلت المحاولة.