رغيف الخبز عصب حياة المصريين, أطلقوا عليه كلمة عيش, التي عكسها الموت والهلاك والفناء, فلا حياة لمن لا يجد العيش, وأحسن المصريون التعبير عن أهميته في حياتهم ببلاغة متناهية وادراك تام حتي اتخذوه يمينا فيقسمون عليهوحياة العيش والملح, ويسعون في العمل من أجل لقمة العيش, ويقولون لمن يهددهم بترك العمل متقطعش عيشنا, والمثل الشعبي يقول لمن تأخذه أحلامه لبعيدجعان يحلم بسوق العيش. والخبز يرتبط ارتباطا وثيقا بالأمن القومي, لهذا تحرك الحكومة في أسعار السلع كافة فيما عدا رغيف الخبز, وتخرج علينا بين الحين والحين لتؤكد أنه لا مساس بالمدعوالمدعوم, لادراكها أن استقرار الدولة عامله الأول دعم رغيف الخبز وتوفيره لعامة الشعب, رغم ان بلدنا أكثر بلدان العالم استيرادا للقمح, وهو ما يحمل اقتصادنا أعباء نتيجة توفير الاعتمادات الضخمة من العملة الأجنبية خاصة بعد ارتفاع سعر الدولار ففي الوقت الذي ننتج فيه من القمح أربعة ملايين طن سنويا, نستورد قرابة عشرة ملايين طن سنويا وتقدم مخابزنا300 مليون رغيف مدعوم يوميا أو أقل قليلا- بخمسة قروش للرغيف, دون الاقتراب من فكرة تحريك السعر, ونجحت الحكومة بعد سنوات طوال من تعذيب المواطنين من القضاء علي طوابير الذنب الذي لم يقترفه الشعب المطحون, وقدمت رغيفا مدعوما يليق بآدمية المواطن, يكلف الدولة قرابة40 مليار جنيه سنويا نتيجة ارتفاع سعر العملة الصعبة وبالتالي ارتفاع سعر القمح, ليصل دعم الرغيف إلي43 قرشا, ورغم كل هذا تستبعد قيادات الدولة العليا والحكومة وجميع المسئولين الكبار مجرد فكرة تحريك سعر رغيف العيش خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تطوق عنق البلاد والعباد. ودون إحم ولا دستور خرجت علينا مؤخرا إدارة- كالخراج الذي يظهر فجأة لم نسمع عنها من قبل, ولم نعرف ماهو الدور المنوط بها وربما كان ظهورها لمهمة إطلاق بالون اختبار فقط لا غير تعود بعده ادراجها,.. الإدارة العامة للدراسات وبحوث التكاليف, بوزارة التموين..هذا أسمها, أما بالون الاختبار الذي اطلقته فهو تقرير أعدته وكشفت فيه حسبما تقول- عن تراوح معدلات استهلاك الخبز المدعم بين2.5 إلي3.8 رغيف يوميا لكل مواطن, وماذاأيضا؟!.. توصل التقرير إلي معلومة جديدة كانت بعيدة عن اذهاننا..ألا وهي أن المستفيدين من الدعم علي نظام فارق نقاط الخبز يصرف لهم مقابل الترشيد في استهلاك الخبز10 قروش عن كل رغيف لا يتم استهلاكه..أي والله!, وماذا تريد الإدارة بعد هذه العبارة ؟!, ولا شيء سوي رفع الأعباء عن كاهل المواطن, ومضاعفة قيمة نقاط الخبز100%, ليتم صرف سلع بقيمة20 قرشا عن كل رغيف لا يتم استهلاكه, كتر خيرهم.. أول إدارة حكومية تعطي بلا مقابل,..لا انتظر وأصبر علي رزقك..أكيد شائعة..لا حقيقة ولكن في مقابل اقتطاع رغيف واحد فقط من الأرغفة الخمسة التي يستحقها يوميا ليصبح نصيب الفرد أربعة ارغفة, وحتي تؤكد مدي جدية تقريرها أردفته بمعدلات استهلاك كل مواطن من الخبز المدعم ففي بور سعيد مثلا2.48 رغيف يوميا,..شوف الدقة,..رجل أو امراة أوشاب يافع يكفيه في الوجبات الثلاث رغيفان و48 بالمائة من الرغيف الثالث..شوف الحكمة وقدرة بحوث تكاليف وزارة التموين التي استطاعت الوصول إلي معدة المواطن وعد اللقيمات التي وصلت جوفه! الفكرة خطيرة ياوزير التموين وغير قابلة للتنفيذ وتضر بمحدوي الدخل لارتفاع أسعار السلع البديلة, وكان أحري بإدارة الدراسات وبحوث التكاليف أن تجري دراسات وحوارا مجتمعيا واستطلاعا لآراء المواطن الذي بات لسان حاله يقول عض قلبي ولا تعض رغيفي.