هناك دعاية تقول إن الدول الغربية, وبعد تلاشي الخطر الأحمر وزوال الشيوعية, كانت بحاجة إلي عدو تخيف به شعوبها, فوقع اختيارها علي الإسلام والمسلمين, وهو ما يطلق عليه مسمي الإسلاموفوبيا, لكن المفارقة أن الدول الغربية المتهمة بتخويف شعوبها, لم تستثمر هذا الخوف! لم يفعل الغرب ذلك لأن الإسلاموفوبيا وهم تروج له جماعات الإسلام السياسي, خدع به حتي بعض الغربيين, فلو كان هناك رهاب, لكان له مظاهر, لكننا علي العكس, نري الشواهد علي أن الغرب لا مشكلة لديه مع الإسلام والمسلمين, وإذا كان ثمة خوف, فهو خوف مبرر من الإسلام السياسي, وليس رهابا مرضيا. يمكن الادعاء بأن هناك إسلاموفوبيا في الغرب لو كان طلبة المدارس يلقنون كراهية المسلمين, وكان أرباب الأسر يوصون أولادهم بعدم تهنئة المسلمين بأعيادهم, وكان يحظر بناء المساجد والمدارس الإسلامية, وكانت تجرم الدعوة الإسلامية, وكان محظورا علي الغربيين اعتناق الإسلام, وكانت الجامعات الغربية خالية من الدراسات المتعلقة بالحضارة الإسلامية. ويمكن ادعاء وجود رهاب من الإسلام لو كانت الأنظمة الغربية تميز ضد مواطنيها المسلمين في الحقوق والامتيازات والفرص, وتمتنع الدول الغربية عن استقبال لاجئين مسلمين, تمنحهم بعد مضي بعض الوقت حقوق المواطنة, وكان السيستم يحول دون تبوؤ المسلم هناك المراكز القيادية, وكان القادة الغربيون يمتنعون عن مشاركة مواطنيهم المسلمين مناسباتهم. ويمكن الادعاء بذلك لو كانت هناك حالات اعتداء كبيرة علي مسلمين في الدول الغربية, وكانت المساجد والمراكز الإسلامية تتعرض للتدمير المستمر, وكانت السلطات تمنع المسلمين من الخروج في مظاهرات تطالب بتطبيق الشريعة, وكانت أجهزة الأمن تحقق معهم بشأن معتقداتهم. نعم هناك خوف لدي بعض الغربيين من الجماعات الإسلامية المؤدلجة التي تعادي الحضارة الغربية التي تعيش في كنفها, وتسير خلف أوهام السيطرة وإقامة دولة الخلافة, والخوف من هؤلاء المجانين مبرر ومنطقي, بل إن الغرب غض الطرف عن هؤلاء طويلا, ولم ينتبه إليهم إلا بعد أن ضربوا أوروبا. أما الرهاب( الفوبيا) فهو الخوف الشديد من أمر دون أسباب منطقية لهذا الخوف, ولتوضيح الفكرة فقط, فمن يطلع علي نشرات الأخبار التي تؤكد أن ثمة ذئابا طليقة تتجول في أنحاء المدينة, لا يوصف بأنه مصاب برهاب الذئاب إذا انتابه خوف شديد من الخروج من البيت, بل خوفه في هذه الحالة مبرر ومنطقي, بل إن عدم خوفه من الخروج من البيت تهور ومن قبيل إلقاء النفس إلي التهلكة. وفي المقابل, يكون الشخص مصابا برهاب الذئاب إذا كان يشعر بخوف شديد من زيارة حدائق الحيوانات, لأن ثمة ذئابا هزيلة فيها, إذ خوفه قائم علي أسباب غير منطقية, ففضلا عن أن الذئاب محبوسة في أقفاص حديدية, فآلاف الأشخاص يترددون علي الحديقة سنويا, خصوصا إذا لم تكن الحديقة قد شهدت حالات لهجوم من الحيوانات. الرهاب له أعراض, ولا توجد أعراض حقيقية للإسلاموفوبيا, والأمر مجرد حيلة من حيل تنظيمات الإسلام السياسي في الغرب لاستعطاف الغربيين, والحصول علي المزيد من الامتيازات, وإدامة السيطرة علي المسلمين في الغرب, عبر تخويفهم والحيلولة دون اندماجهم في مجتمعاتهم, ليسهل استعمالهم في خدمة المشروع الإسلاموي.