ارتبط الغناء لسنوات عديدة بالمشاعر الراقية والأحاسيس المرهفة ولم يخل أحيانا من بعض الأعمال المسفة والهابطة، لكن البقاء ظل دائما للأرقى والأعمق والأكثر إنسانية بدليل أن العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ وكوكب الشرق «أم كلثوم » لا يزالان يتربعان على عرش الغناء رغم رحيلهما عن عالمنا من عشرات السنين. وقد تسبب في الآونة الأخيرة عدد من الأغاني التي تتحيز للرجل علي حساب المرأة في حدوث حالة غضب علي مواقع التواصل الاجتماعي ضد هؤلاء المطربين والأغاني التي طرحت وكان آخرها أغنية الراجل للمطرب رامي صبري, كلمات وائل توفيق لتلقي هجوما وانتقادات, حيث يري منتقدوها أنها تعكس فكرا ذكوريا وتقلل من قيمة المرأة, وكان رد رامي علي ذلك أن قدمت أغاني كثيرة في ألبوماتي تتحدث عن الحب والعلاقات والفراق, لكن أنا هنا أتكلم في الأغنية عن العلاقات بعد الانفتاح علي العالم ففي النهاية نحن مجتمع شرقي وأقول في الأغنية كيف للفتاة أن تحافظ علي الرجل لأن بعض الفتيات أصبحن يرين أنهن لا يحتجن للرجال. ولا يختلف الأمر كثيرا بالنسبة لأغنية سي السيد لتامر حسني, كلمات وألحان وغناء تامر حسني ولاقت أيضا انتقادات من الفتيات في حينها بسبب كلماتها المستفزة وغيرها من الأغاني التي لا تتعامل بمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة ولكن عبد وسيد. يأتي ذلك في الوقت الذي يسعي فيه البعض إلي إنتاج أعمال ضد العنف الموجه للمرأة أو تمييز الرجال عنها مثل أغنية نور لزاب ثروت وأمينة خليل في محاولة لإصلاح ما أفسده تامر ورامي وغيرهما. ويري صناع الأغنية أن الزمن تطور ونحن في عصر منفتح وأن هذا الفكر يعود بنا إلي قرون مضت وبالتالي لا يصح التغني بكلمات تستهين بأحد أو تميز شخصا عن آخر, مؤكدين أن الأغنية لها تأثيرها علي المجتمع ومثل تلك الأغاني سوف تؤثر علي الشباب بشكل سلبي مطالبين المطربين باختيار كلمات تتناسب مع مكاناتهم وترتقي بالمجتمع خاصة أن الموضوعات عديدة ويمكن الاختيار منها. عوض بدوي: لاتليق بعصر الفضائيات المفتوحة أكد الشاعر عوض بدوي أن المسألة ليست ديكتاتورية ولكن علاقة الرجل والمرأة هي علاقة مودة ورحمة فلا يصح أن تروج الأغاني لمثل هذه الأفكار, وهذا الكلام يقال في عصر سي السيد في الأربعينيات من القرن الماضي, وليس في زمننا هذا وعصر الفضائيات المفتوحة ومواقع التواصل الاجتماعي فهذه الكلمات ليس وقتها أو محلها علي الإطلاق. وأوضح أن الفن بشكل عام له بالغ الأثر في المجتمعات فالفن مرآة للواقع وانعكاس له وإذا كان الواقع مهترئا يكون الفن أيضا كذلك, ولكن الفن له دور آخر ثوري يغير أفكارا ويقوم سلوكيات وله جزء توجيهي أيضا, لكن نري الآن نوعا من الفن السلبي والهدام ويؤثر بشكل خطير علي المجتمع مثل أغاني المهرجانات أو الأغاني التي تروج للمخدرات والتي تساعد الشباب علي الانحراف فالأغنية أسرع الفنون انتشارا وتأثيرا في المجتمع لذلك أنا ضد أي أغنية فيها تمييز من الرجل ضد المرأة. حلمي بكر: لدينا مطربون مع إيقاف التنفيذ قال الملحن حلمي بكر إن الأغاني الموجودة كلها دون المستوي فكل الموجود علي الساحة يشبه بعضه متسائلا أين أغنية النجم التي تعلق في ذهن الجمهور؟ فالحصيلة الجماهيرية ووضع الأغنية في المجتمع سيئ. وأضاف: هناك خلل واضح في الكلمات أو اللحن أو صوت المطرب نفسه فهذا جزء مشوه لا يجب أن أتناول هذا العمل أو أشير له أو أشارك البعض في الخيبة, والحقيقة أن لدينا نجوم غناء ولكن مع وقف التنفيذ, كل واحد فيهم ينتظر أن تعلق أغنيته في أذهان الجمهور لكن هذا لن يحدث, لأنه يتعامل مع الموجود من كلمات ولحن, كما أن الحقل الفني أصبح استهلاكيا لا توجد فيه أغنية يمكن أن نذكرها لتكون علي القمة أو تحقق نسب مشاهدة جيدة فحتي نسب المشاهدة غير حقيقية. زين نصار: الزمن تغير والأغنية سلاح خطير وأكد المؤرخ الموسيقي زين نصار أن هذا النوع من الغناء أو هذه الكلمات جديدة علي الأغنية المصرية, فيما مضي كانت الأغاني عن الحب والسلام وكلها هيام في حب المرأة صاحبة المكانة الرفيعة في المجتمع, واستخدام هذه المعاني التي تميز بين الرجل والمرأة في الأغاني لا تصح, لأن الأغنية سلاح خطير وهذا كلام ليس مستحبا, فالموضوعات كثيرة يمكن أن يتناول المغني ما يريد منها فلم تنته الموضوعات لتكون هذه كلمات أغنية, خاصة أن هذه المعاني تم تناولها زمان في السينما في فيلم بين القصرين وغيرها ففكرة سي السيد انتهت, أما الآن فالزمن قد تغير والتفكير وكل شيء والمفروض أن الفنان يختار كلمات موضوعات تهم الناس وليست كلمات تحضهم علي الاستقواء بشكل عام, فالفنان يقع علي عاتقه مسئولية كبيرة, لذلك نطالب دائما بأن تكون الكلمات راقية وبها جماليات وتمس المشاعر الإنسانية, وعندما يكون الفنان كبيرا لابد أن يتحري الدقة في اختيار كلمات أغانيهم وما يتناسب مع مكانته, لأن لهم تأثيرا كبيرا علي الناس, مضيفا لا أذكر أن مطربا في الماضي غني أغاني ضد المرأة حتي أغنية يا سلام علي حبي وحبك لشادية وفريد الأطرش كانت في إطار كوميدي كاريكاتيري. خالد عز: الجمهور يختار ما يسمع في المقابل يري الملحن خالد عز أن اختيار أغنية ما مسألة حرية يختار فيها الكاتب ما يكتبه والمغني ما يغنيه, لكن أيضا الجمهور يختار ما يسمعه ولا أري أن الأغاني تكون موجهة, لكن في نفس الوقت ليست هذه الكلمات التي من المفترض كتابتها, فمثلما تكتب كلمات تعلي من الرجل علي حساب المرأة يمكن أن تكتب أغنية عكس ذلك, لكني لن أسمعها أو أسمعها لأبنائي. وأوضح أن من يقوم بأي عمل فني حر فيما يختار وما يقدمه, لكن المستمع هو المتحكم فيما يسمع فهناك من يفضل أم كلثوم ومن يحب الإنشاد وهناك أيضا من يسمع أغاني المهرجانات التي أري فيها إسفافا فلن أسمعها, لذلك لن نحاسب الآخرين علي اختياراتهم ففكرة الذوق العام غير محكومة فلا يمكن أن نجمع الكرة الأرضية علي ذوق واحد, الأغاني مثل التليفزيون تختار ما تريده, وكل شخص لديه فكرة يعبر عنها لكن الاختيار والحكم في النهاية للجمهور.