مع حلول فصل الصيف من كل عام, تفكر الأسر المصرية في قضاء عدد من أيام العطلة الصيفية بعيدا عن حرارة القاهرة وغيرها من المحافظات التي تتسم بالارتفاع المعهود سواء بدرجات الحرارة أم بنسب الرطوبة, وفي الواقع يأتي هذا التفكير ليس لمجرد الاستمتاع بدرجات حرارة أقل ولكن اعتقد وربما يتفق معي بعض القراء انه يعد أحد وسائل الهروب من ضغوط كثيرة منها ضغوط العمل والدراسة والصراع اليومي, الذي لا ينتهي في سبيل البحث عن المتطلبات الاساسية اليومية بما يشمله من معاناة التنقل بفعل الاختناقات المرورية التي تحاول ادارات المرور المختلفة, بعدد من محافظات الجمهورية لا سيما الكبري منها التغلب عليها قدر الامكان. ويعد ساحل مصر الشمالي واحدا من أهم المحطات السياحية التي تتجه إليها أنظار الأسر المصرية, لا سيما تلك التي تتمتع بقدر ولو بسيط من اليسر الاقتصادي, وقد تنبهت الدولة لمستقبل تلك البقعة المصرية السياحية الرائعة علي أرض مصر فمهدت إليها كل الطرق وذللت معظم العقبات التي تحول دون الوصول السريع الآمن إليها. المتجه هذا العام لقضاء عطلته الصيفية بساحل مصر الشمالي سوف يدرك تلك العناية وذلك الاهتمام الواضحين بصيانة الطرق المختلفة المؤدية لمختلف بقاع الساحل الشمالي, ولا أعني هنا مجرد الاهتمام بجودة الطرق من رصف ونقاط خدمات واستراحات ولكن أيضا تلك الكمائن الأمنية المنتشرة علي طول تلك الطرق, حيث تشعر المسافر بدرجات عالية من الأمان علي هذه الطرق التي تتسم في غالبيتها بكونها موحشة وطويلة نسبيا, وفي هذا الصدد نجد أن هناك تكاتفا واضحا بين جهود محافظي الإسكندرية ومطروح ومختلف الجهات المعنية حيث استعدت تلك المحافظات لاستقبال اعداد كبيرة من زوار اليوم الواحد ومن راغبي الاقامة لاكثر من يوم, وهي الاعداد التي تحدت كل وفق قدرته كل ما من شأنه عرقلة حصولها ولو علي قدر بسيط من الراحة والاسترخاء, سواء تمثل ذلك في الارتفاع الأخير في اسعار المحروقات بما تبعه من زيادات نسبية في اسعار عدد من السلع والخدمات المرتبطة اساسا بقضاء مثل تلك العطلات الصيفية, أم تمثل فيما انتشر عبر شاشات الفضائيات عن أخبار غزو قنديل البحر لشواطئ مصر الشمالية, وهي الأخبار التي احتلت مساحة غريبة وغير مفهومة سواء بنشرات اخبار معظم المحطات الفضائية أو بصفحات التواصل الاجتماعي, وكأنها تحمل تحذيرات مخيفة لزوار تلك الشواطئ ممن أعدوا العدة لقضاء اجازتهم بها. لم تكتف تلك المحطات بنشر أخبار انتشار قنديل البحر ولكن راح بعضها يتقعر ليعطي الموضوع حجما أكثر بكثير مما يستحق علي أرض الواقع. فمنهم من تبني توجيه الدعوة لوزارة البيئة مطالبا إياها بضرورة العمل علي حماية زوار شواطئ الساحل الشمالي من ظاهرة القناديل, وكأنها ظاهرة جديدة أوغريبة علينا, ومنهم من راح ينسج الاساطير حول طبيعة القناديل واعدادها وكيف أن هناك علاقة لقناة السويس الجديدة بهجرة بعض الكائنات البحرية ومنها القناديل من البحر الأحمر للبحر المتوسط, وهو الطرح الذي سارعت الجهات المعنية بنفيه بطبيعة الحال, علي اعتبار أن كل الدراسات البحرية والطبيعية التي سبقت هذا المشروع العالمي العملاق أكدت عدم تأثر البيئة البحرية المحيطة بأي أضرار أو اختلافات جوهرية تؤثر سلبيا عليها. علي كل حال فاكتمال اعداد الاشغال بتلك المحافظات وبشواطئ مصر الشمالية يعد أصدق رد علي محاولات قد تهدف لعرقلة الاقتصاد المحلي.