في الفترة من20 إلي22 يونيو الماضي انعقدت قمة دول حوض النيل في العاصمة الأوغندية كمبالا التي حظيت بالكثير من الاهتمام والمتابعة, وعلقت عليها الكثير من الآمال في زحزحة قضايا مياه النيل نحو مربع التعاون والتوافق بعد أن اصبح الخلاف والتباعد هو السائد إثر التوقيع المنفرد لعدد من دول حوض النيل علي اتفاقية عنتيبي التي تتحفظ مصر علي عدد من البنود الرئيسية فيها. انعقدت القمة التي تعد الأولي في مجالها والتي اكتسبت زخما خاصا لهذا السبب, بدعوة من الرئيس الأوغندي موسفيني الذي يترأس الدورة الحالية للمبادرة المشتركة لحوض النيل. وقد سبق انعقاد هذه القمة مشاركة مصر في الاجتماعات الوزارية للمبادرة المشتركة لحوض النيل, رغم تجميد القاهرة لعضويتها في المبادرة منذ عام2010 إثر أزمة التوقيع المنفرد, حيث هدفت مصر إلي طرح رؤيتها التي تؤكد علي التعاون وتهدف الي السعي من أجل المصالح المشتركة انطلاقا من مبدأ لا ضرر ولا ضرار, متبعة مبدأ جديدا هو إبداء المرونة مع عدم التنازل عن الحقوق أو حماية المصالح. الرؤية المصرية قامت علي أساس إيجاد صيغة جديدة تلبي مخاوف مصر بشأن النقاط الثلاث التي تتحفظ عليها, وهي عدم الاضرار بحقها التاريخي, ومبدأ الاخطار المسبق, واتخاذ القرارات بالتوافق أو الاجماع وليس بالأغلبية.. وتتضح المرونة في تركيز مصر علي استعدادها لاسئناف مشاركتها الفعالة في انشطة المبادرة, اذا ما تم اقرار مبدأ التوافق في القرارات ومبدأ الاخطار المسبق اللذين تعطيهما القاهرة الاولوية في الوقت الحالي. وبالنظر إلي ان اتفاقية عنتيبي قد تم التصديق عليها من عدد من الدول الموقعة, فقد طرحت القاهرة اضافة ملحق الي الاتفاقية او توقيع اطار منفصل, غير ان هذه المقترحات لم تجد القبول أو الحماس الكافي من دول المنابع ولذا لم يتم الاعلان عن نتائج محدده, علي أمل مواصلة الجهود تمهيدا لقمة الرؤساء التي يمكنها ان تتناول الأمور من الزاوية السياسية الأشمل, مما قد ينتج عنه أي تحرك إلي الأمام ولو كان جزئيا. في كلمته أمام القمة عبر الرئيس السيسي عن منظور مصر لحل الخلافات حول مياه النيل باجلي صورة حين شدد علي أن نهر النيل يجمعنا ولا يفرقنا, وأن مصلحتنا المشتركة في الاستفادة من مواردنا الطبيعية والبشرية لبناء وتطوير مجتمعاتنا, أعظم وأكثر أهمية بكثير من أي اختلافات قيدت مواقفنا وكبلت طاقاتنا علي مدار عقود طويلة.. إن دول حوض النيل في أمس الحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضي, لمتابعة التعاون المشترك من أجل تحقيق تنمية مستدامة حقيقية تعمل علي توفير حياة لائقة لشعوبها, وتمكنها من مواجهة آثار ندرة المياه وتغير المناخ, وتطلق العنان لطاقاتها الكامنة ورغم اهمية القمة إلا أن مجرياتها ومستوي التمثيل المشارك توضح أنه مازال هناك حاجة لبذل مزيد من الجهود.. حيث لم يحضر علي مستوي الرؤساء سوي أوغندا ومصر وإثيوبيا, ببنما اعتذر باقي الرؤساء عن الحضور في الساعات الاخيرة رغم تاكيدهم المسبق علي المشاركة, وكان من اللافت أيضا عدم مشاركة رئيسا السودان وجنوب السودان.. وجري الإعلان أن مناقشات قمة دول حوض النيل ركزت علي الرؤية الاستراتيجية للتنمية الشاملة وتجنبت التطرق إلي مواضيع الخلاف.. كما أعلنت كل من أوغندا ومصر عن رغبتهما في انعقاد القمة دوريا, ورحبت القاهرة بانعقاد القمة القادمة في القاهرة متطلعة الي مرحلة جديدة من التعاون والحوار الجاد والشفاف.