احتفلت مصر بحلول الذكري الرابعة لثورة30 يونيو2013 منذ أيام قليلة مضت, وهو الاحتفال الذي سبقه الإعلان عن موافقة مجلس الوزراء علي تحريك أسعار المحروقات بنسب مختلفة, وهي الزيادة التي راحت معظم البرامج الحوارية والمقالات الصحفية تحلل مالها من ايجابيات وكيف أنها تعتبر ضرورة لا يمكن الفكاك منها لاستكمال طريق الاصلاح الذي بدأته مصر مع تولي الرئيس السيسي الذي صارح ناخبيه منذ البداية أن الطريق صعب وطويل ويحتاج لصبر ومثابرة وعمل وهو ما جعل سيادته يتجه نحو العمل علي مختلف الأصعدة بشكل مباشر وسريع. وهنا اتوقف عند أمرين اساسيين, اولهما هو اختلاف طريقة احتفالنا كمصريين بذكري ثورة30 يونيو عما سبق لنا من طرق ميزت احتفالنا بها أو بغيرها, فجاء الاحتفال في شكل عروض تليفزيونية مسجلة توثق بكل دقة لجميع منجزات الدولة عبر فيلم مصر1095, كما احتفلت وزارة الثقافة بفتح أبواب دار الأوبرا المصرية للجمهور بالمجان احياءا لهذه الذكري الطيبة, بينما لم نسمع عن أية أنشطة ملحوظة أخري في هذا الصدد من قبل أي وزارة أخري من وزارات الدولة المختلفة, وكنت أتوقع أن تستغل مثلا وزارة السياحة ووزارة الآثار هذا الحدث في الترويج لمصر سياحيا وأثريا خارج مصر للتأكيد للعالم أجمع علي إحدي ثمار هذه الثورة, ولا أستطيع أن التمس أي عذر لهاتين الوزارتين في هذا الصدد, وأتمني أن ينتبه القائمون علي أمر هاتين الوزارتين اعلاميا اعادة النظر لهذا الملف بشكل سياسي دعائي مختلف. أما الأمر الثاني الذي بات ملحوظا هو مدي الاهتمام بالرأي الشعبي العام بدرجة عالية, تمثل هذا الاهتمام في الحرص الواضح علي تبرير وتوضيح ضرورة اتخاذ مختلف خطوات وقرارات الحكومة التي يستشعر الرئيس السيسي ذاته صعوبتها ويثمن قدرة الشعب علي تحملها, وهو الأمر الذي لم تكن تلقي له الحكومات المصرية منذ ثلاثين عاما مضت بالا. كما تمثل هذا الاهتمام في حرص الحكومة عبر الوزارات المعنية باتخاذ عدة إجراءات حمائية عبر زيادة قيمة المخصصات التموينية للفرد وعبر العلاوات التي اختلفت نسبتها سواء للمخاطبين أم غير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية من موظفي الدولة أم من أرباب المعاشات وعبر توجيه رئيس الوزراء ومتابعته للسادة المحافظين بخصوص التأكيد علي حماية المواطنين من استغلال قرار زيادة أسعار المحروقات في رفع التعريفة الرسمية للمواصلات وتحديدا الميكروباصات وسيارات الأجرة علي اختلاف انواعها. وعلي الرغم من حرص الحكومة علي إبداء كل الاهتمام بشرائح المجتمع المصري الأكثر احتياجا, إلا أن الأمر بوجهة نظري لن يمكن أن يأتي الثمار المرجوة منه دون إعمال قبضة القانون الحديدية الصارمة علي كل من تسول له نفسه من المتعاملين مع الجماهير المستهلكة أن يقوم باستغلالها في تلك الظروف العصيبة التي يعاني منها مختلف شرائح الشعب. ونحن إذ نثمن جهود الحكومة وحرصها الواضح عبر الوزارات المختلفة علي وضع توجيهات الرئيس محل التنفيذ بالشكل الذي يضمن تحقيق الغرض الإصلاحي منها, نطالب باتخاذ المزيد من الاجراءات التي تضمن وصول الدعم لمستحقيه, ولا أعني بالدعم هنا ما تمنحه الحكومة للمواطنين الأكثر احتياجا فقط, لكن أعني به خلق فرص عمل واضحة وسريعة للشباب لاستيعاب قدراتهم وطاقاتهم, عبر إحياء منظومة واضحة للتشغيل, كما نطالب الشباب بضرورة الانخراط الجاد في سوق العمل الجديد استمرارا لدعم طريق الاصلاح الذي قطعت فيه ثورة30 يونيو شوطا كبيرا ننتظر جميعا ثماره. أستاذ مساعد التاريخ القديم بآداب الإسكندرية