تدرك الحكومة المصرية أهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة, ومدي قدرتها علي المساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية, لذا أصرت علي مواجهة مشكلاتها, وأيقنت أنه لابد من التشخيص الجيد للعناصر المؤثرة سلبا علي نمو هذا القطاع. وجاء التداخل في مهام المؤسسات المعنية بالقطاع كأهم تلك العناصر, وهو الأمر الذي استلزم تجميع القوي والمواجهة بحسم, واستلزم الامر البتر المؤسسي لبعض مهام تلك المؤسسات. فلا مجال للشك أن الإصلاح المؤسسي يعد أصعب أنواع الإصلاحات, والتي تحتاج قوة في التطبيق, وعدلا قبل الحسم في الأداء, وفي سبيل تحقيق ذلك تم إنشاء جهاز لتنمية وتطوير المشروعات الصغيرة المتوسطة, علي أن يتولي وضع برنامج وطني لتنمية وتطوير تلك المشروعات, ويعمل علي التنسيق بين الجهات والمبادرات العاملة في هذا المجال, بالإضافة إلي تهيئة المناخ اللازم لتشجيع تلك المشروعات, علي أن يستهدف نشر وتشجيع ثقافة ريادة الأعمال والإبداع. وفي سبيل تفعيل دور الجهاز تم إصدار قرارين, الأول خاص بتشكيل مجلس إدارة جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة, والثاني خاص بإنشاء المجلس الاستشاري لتنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر وريادة الأعمال. ولوحظ من خلال التشكيلين أنه قد تم اختيار الكفاءات المتميزة والتي تتمتع بالخبرات المحلية والدولية في مجال تنمية هذا القطاع الحيوي والذي يمثل الشريحة الأكبر في هيكل الاقتصاد المصري. وبحدوث تلك الإصلاحات المؤسسية; التي طالما تعثرت خطواتها; نكون قد قطعنا شوطا لابأس به علي طريق التنمية المنتظر أن يحققها هذا القطاع. ولكن هل تساءلنا عن الخطوات التي ينتظرها المواطن من جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة بأجهزته الاستشارية؟ فإذا ما تطرقنا إلي الإجابة علي مثل هذا التساؤل فإننا يجب أن ندرك ثقافة المواطن المصري أولا, وقدراته المالية والتعليمية ثانيا. فالمواطن المصري أولا لم تترسخ لديه ثقافة العمل الحر, ومن ثم لن يقوي علي تحمل مخاطر ريادة الأعمال, أما القدرة المالية والتعليمية فهي عنصر الضعف الرئيسي في عدم تنمية المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة. لذا أعتقد وفي رأيي المتواضع أن جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة عليه أن ينشر ثقافة أهمية التوجه نحو العمل الحر, باعتبار أنه السبيل نحو تحقيق التنمية بالنسبة للفرد أو الاقتصاد الوطني, كما أن الجهاز في ذلك الشأن عليه أن يضع نظما لتحفيز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر وريادة الأعمال, ومن المتوقع; في كثير من الأحيان; أن يلعب الجهاز بأجهزته الاستشارية دور المفاوض بهدف تيسير وتوفير المواد الأولية من مصادر جيدة بأنسب الأسعار لتلك المشروعات, بالإضافة إلي المساهمة في إجراء دراسات الجدوي للمشروعات وتوفير الدراسات السوقية إلي جانب تقديم وتيسير الحصول علي التمويل اللازم لبدء النشاط وزيادة رأس المال, فضلا عن العمل علي تيسير إنهاء الإجراءات والتصاريح اللازمة لبدء النشاط, وإنشاء قاعدة بيانات خاصة بهذه المشروعات. فلن أتحدث بما يخالف ضميري, حينما أقول إن الشاب المصري لايزال يرهب التعامل مع البنوك, حتي في وجود العديد من المبادرات التمويلية المتخصصة في تمويل تلك المشروعات, حتي وإن أخذت الطابع الوطني, فانها مازالت تتعامل بمبدأ المقرض والمقترض, دون توفير النصيحة الاقتصادية, أخذا في الاعتبار أنها تثقل الكاهل بالعديد من الأوراق والتراخيص والدراسات اللازمة قبل الحصول علي القرض, وهو ما يجهله معظم الشباب ولم يكتسبوا مهاراته. أعلم أن العبء ثقيل إلا أننا ننتظر تحقيق الكثير من الجهاز ومجالسه الاستشارية كي ينطلقوا نحو تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة.