كلما حلت ذكري ثورة الثلاثين من يونيو عام2013 يتردد السؤال: هل انتهت ثورة30 يونيو؟ وتتعدد الإجابات والاجتهادات في الإجابة علي السؤال. أنا ممن يؤمنون أن ثورة30 يونيو لم تنته وستظل باقية ما دام سؤال الهوية مطروحا للنقاش. ستظل باقية ما دام الخوف علي هوية مصر يعتمل في الصدور. ذلك أن ثورة30 يونيو لم تكن إلا من أجل حماية الهوية المصرية التي تعارف عليها المصريون منذ آلاف السنين. كانت ثورة لتصحيح مسار كاد أن يودي بالدولة المصرية. فالمصريون ثاروا في30 يونيو لحماية الهوية وليس لاستردادها كما يحلو للبعض أن يشخص الأمر. فالهوية المصرية لم تكن قد اختطفت بعد حتي يتم استردادها, فالثورة التي جاءت بعد عام واحد من حكم الجماعة الإرهابية كانت في الواقع قطعا للطريق الذي خطه الإخوان لسرقة الهوية المصرية أو علي الأقل العبث بها. عظمة30 يونيو أنها فاجأت الإخوان والعالم بقدرة هذا الشعب علي حماية مقدراته وفي القلب منها هويته وتاريخه. الحرب التي تتعرض لها ثورة ودولة30 يونيو مستمرة منذ اللحظة الأولي للثورة. وهي في الحقيقة حرب علي الهوية المصرية. والدفاع عن الهوية المصرية التي تتمسك به دولة30 يونيو هو العامل الأساسي وربما الوحيد الذي ضمن وما زال يضمن نجاح الدولة في مواجهة تلك الحرب علي المستويين الداخلي والخارجي. لقد حدد الرئيس السيسي هدفه الأول لثورة30 يونيو في الدفاع عن هوية الدولة المصرية وتثنيت أركان وركائز الدولة المصرية. كان الرئيس واضحا في محاولته حشد كل الطاقات خلف ذلك الهدف, فأكد في كل المناسبات التي خاطب فيها الشعب أن الهدف الرئيس هو تثبيت الدولة المصرية حتي لا تقع.. ولم أضع أمام عيني هدفا استراتيجيا أكبر من كدا.. وبزود فهمكم الحقيقي لحجم المشكلة عشان تقفوا معايا فيه. وضوح الهدف هو الذي حمي الدولة المصرية من الانجرار إلي المعارك أو المشاهد الفرعية التي يسعي كثيرون لجر الدولة إليها. وبدون أي مبالغة فإن وضوح الهدف لدي الرئيس ومؤسسات الدولة هو الفارق الرئيسي بينهما وبين الكثيرين داخل مصر وخارجها. الخلافات التي نشأت وما زالت بين الدولة وكثير من أطياف المعارضة يمكن ردها أو تفهمها في ضوء الإيمان بالهدف والعمل علي تحقيقه. وفي هذا السياق تناول الكثيرون الحديث عن حلف30 يونيو وما ناله من انشقاقات واختلافات بين مكوناته الرئيسية. ولا شك أن حلف30 يونيو قد واجه الكثير من العقبات والقرارات الصعبة التي أدت إلي حدوث تصدعات في بنيان ذلك الحلف, ولا شك أن الإبقاء علي هذا الحلف متماسكا أمر من الأهمية لا يمكن لأحد التشكيك فيه. ومع ذلك فما زال الاصطفاف خلف الرئيس والدولة قائما وفعالا من قبل الرأي العام ببساطة شديدة لأن الرئيس نجح إلي حد بعيد في تأمين ذلك الاصطفاف من خلال التأكيد علي الهدف الذي يسعي له والذي لم يتغير منذ أربع سنوات, بينما الآخرون انصرفوا إلي أهداف أخري. أعادوا ترتيب الأولويات بينما الهدف الاستراتيجي الكبير ما زال قيد التنفيذ والحماية. وهنا, يستغرب الكثيرون من أعداء الدولة وممن انصرف عن مساندتها لأهداف سياسية كيف للرأي العام المصري رغم التحديات التي يواجهها خاصة علي المستوي الاقتصادي ما زال مؤمنا بالدولة وبقدرتها علي العبور إلي حيث قرر المصريون في30 يونيو. والإجابة باختصار في خوف المصريين علي الدولة التي كادت تضيع من بين أيديهم قبل أربع سنوات. صراحة الرئيس في الحديث مع المصريين عن عظم التحدي وصعوبة الموقف ودعوته المتكررة لهم بالمشاركة في صنع مستقبلهم وتحمل تكلفة صناعة ذلك المستقبل كانت وما زالت كلمة السر في الاصطفاف الشعبي خلفه وخلف مشروع دولة30 يونيو. وأخيرا, فإن الدرس الحقيقي الذي علي الجميع تذكره من ثورة30 يونيو هو أن الدولة المصرية وهويتها خط أحمر يعتبر الاقتراب منه أو العبث به بمثابة شهادة وفاة سياسية لمن يرتكب ذلك الجرم شخصا كان أو جماعة أو فصيلا أو تيارا أو حتي دولة. ولعل ذلك ما أكده الرئيس السيسي في الذكري الثالثة لثورة30 يونيو بقوله لقد أكدت ثورة الثلاثين من يونيو عدم إمكان فرض الأمر الواقع علي الشعب المصري, وأن من يتخيل نجاحه في تحقيق ذلك يكون واهما, فإرادة الشعب المصري أصبحت هي القوة المحركة التي تحدد مصير الوطن, ولقد حملت ثورة الثلاثين من يونيو معاني وقيما نبيلة نهتدي بها وتحكم عملنا الوطني في هذه المرحلة المهمة من تاريخ الأمة. لقد أراد الشعب المصري حماية دولته في30 يونيو فكان له ما أراد, وهو وحده دون غيره الكفيل بحماية تلك الإرادة وحماية من يزود عنها.