إن كانت الدراما المصرية تمر بفترات صعود وهبوط عبر تاريخها علي مستوي الكتاب أو المخرجين فإن هذا لم يحدث علي مستوي الموسيقي التصويرية. دائما كان لدينا أسماء مميزة في تأليف الموسيقي التصويرية داخل الأعمال. من بين الأسماء الموجودة في رمضان الحالي يبرز اسم تامر كروان. يمكن التفرقة بين واضع الموسيقي التصويرية المميز والتقليدي بعدة طرق, منها وضوح مقطوعات الموسيقي داخل المسلسل وليس في التترات فقط, نستمع إلي العديد من المقدمات الموسيقية المميزة, لكن بالدخول إلي الحلقات, نجد أن المقطوعات ما هي إلا توزيعات مختلفة للمقطوعة الرئيسية, بإضافة أو حذف آلة أو التلاعب بسرعة الإيقاع. مثلما يشكل بعض المخرجين ثنائيات مع كتاب السيناريو, يشكل كروانا ثنائيا مع كاملة أبو ذكري, تتيح له الأعمال المميزة التي تقدمها مساحة للإبداع, ويضيف إبداعه هو إلي مستوي العمل ككل, فينقله إلي مرتبة أفضل. يمكن التوقف عند موسيقي مسلسل سجن النسا التي كانت تلفت الانتباه منذ بدايتها لوجود أصوات نسائية تغني بشكل غير محترف, نتعرف داخل أحداث المسلسل إلي أن هذه هي أصوات المسجونات. يعيد الاستعانة بأصوات البيئة هذا العام أيضا في واحة الغروب من خلال الموال القصير في بداية التتر سافر حبيبي قبل أن تظهر الموسيقي بقوة, وجود صوت المنشد في التتر هنا لا يعد بمثابة أغنية بقدر ما هو محاولة توظيف لصوته كآلة داخل الحالة العامة للموسيقي التي يود توصيلها. مثلما هي حالة المسلسل التي تعرض لتلاقي الحضارات واختلافها, تمزج الموسيقي بين آلات الإيقاع الشرقية, الدفوف هنا, وآلات النفخ النحاسية. يدرك واضع الموسيقي حالة الصراع الموجودة داخل وبين الشخصيات فيعكس هذا في تترات النهاية التي تبدأ بجملة ثورية من الوتريات, قبل انضمام آلات النفخ في حوار مع الوتريات لا تهدأ ثورته قبل حين, وتنتهي لاحقا إلي جملة موسيقية حزينة الطابع, مثل شخصيات المسلسل التي لا ينتهي صراعها إلي الخير. داخل الحلقات يمكن الاستمتاع بعدد من المقطوعات المصاحبة للشخصيات, يمكن بسهولة ملاحظة تنوع الموسيقي وتنوع الآلات المستخدمة بين البيانو والأوبوا وغيرهما, دون إغفال آلات الإيقاع الشرقية المستمدة من بيئة الواحات, كل آلة تنقل حالة مختلفة للشخصيات. تامر كروان واحد من الأسماء القليلة في مجال الموسيقي التي لا زالت تقدم مقطوعات موسيقية لا تفقد تأثيرها وسحرها بعد خروجها من العمل الدرامي, وتزداد تألقا داخله.