عندما تصل إلي محطة قطارات أسوان وقت الإفطار, فمن الصعب أن تفلت من دعوات الرجال والشباب الذين يتنشرون بالميدان الكبير من أجل الفوز بثواب إفطار الصائمين علي مائدتهم التي تعد واحدة من أكبر وأقدم موائد الرحمن بالصعيد, فالميدان وقت الإفطار يتحول إلي خلية نحل لاستقبال الصائمين من عابري السبيل والمسافرين بمشاركة رجال وشباب أفاضل يقومون بأنفسهم بخدمة الصائمين ومنهم أطباء ورجال أعمال ومرشدون سياحيون. وبزغت فكرة هذه المائدة المتفردة من أبناء منطقة منشية النوبة بمدينة أسوان في شهر رمضان عام2002, وطوال15 عاما لم تغب هذه المائدة عن الميدان علي الإطلاق حتي في خضم الأحداث والمظاهرات التي شهدتها السنوات التي اعقبت ثورتي يناير ويونيو ومنها اعتصام الجماعات التي احتلت الميدان بالكامل في شهر رمضان عام2012, وكما يقول الدكتور أشرف مكاوي أحد أصحاب الفكرة إن مجموعة من الأصدقاء اتفقوا فيما بينهم علي تجهيز وجبات من الإفطار لعابري السبيل والمسافرين وقت أذان المغرب في رمضان منذ15 عاما, ورغم بدايتها البسيطة إلا أنها لاقت استحسان العديد من أهل الخير من خلال العديد من المساهمات العينية والمالية, ووقتها كنا نستخدم مقاعد ومناضد خاصة بالمقاهي المنتشرة بالميدان, ويقول مكاوي إن المستهدف في العام الأول للمائدة لم يكن يتجاوز إفطار20 عابر سبيل فقط ولكن ومع حب الناس للخير ارتفع العدد إلي70 صائما ومن يومها لم تنقطع المائدة عن تقديم وجبة الإفطار. يقول مجدي بالة الذي يقوم بنفسه بالإشراف علي توزيع الوجبات بالميدان قبل أن ينصرف عائدا للحاق بالإفطار مع أسرته إن مساهمات كل أبناء اسوان سواء مادية أو من خلال تقديم الخدمة للصائمين يوميا قد ساعدت كثيرا في التوسع في المائدة الرمضانية مما جذب العديد من الشباب ورجالات أسوان الأفاضل, لتتطور بعد ذلك المائدة إلي ماهو أكبر فأصبحت تمتلك المقاعد والمناضد التي تكفي لإفطار نحو300 صائم يوميا, كما انتقلت أعمال الطهي من المطاعم الخارجية إلي مطبخ خاص تم تجهيزه بشكل لائق داخل مقر جمعية منشية النوبة ومجهز بكل مايخص المائدة, حيث يشارك الشباب والرجال في نقل الطعام من الجمعية إلي ميدان المحطة وتجهيز المكان ونظافته اليومية بعد الانتهاء من إفطار الصائمين, ليعود الميدان إلي طبيعته بعد ساعة واحدة وقبل آذان العشاء, ويضيف قائلا بأن المساهمين وقبل بداية الشهر الكريم يقومون من تلقاء أنفسهم بالتبرع بالمواد التموينية وكل مايخص المائدة ومنهم من يصر علي تحمل تكاليف أيام محددة حسبما يطلب, ووجه بالة الشكر لجميع المساهمين في هذه المائدة من أبناء أسوان ويؤكد علاء صالح مرشد سياحي انه يتواجد يوميا في ميدان المحطة حيث يسعده تماما خدمة كل صائم, ويقول إن هذه المائدة وغيرها تجسد كل معاني التكافل الاجتماعي بين أبناء المجتمع من خلال المساهمات والتبرعات التي تتلقاها وهو مايؤكد إن الدنيا لاتزال بخير أما الحاج حمودة المشرف علي المطبخ الذي يعد وجبات المائدة داخل مقر جمعية منشية النوبة فيقول إن الوجبات يتم تجهيزها من خلال شيفات متخصصين يقومون بطهيها داخل الجمعية, وتتكون كل وجبة من مشروب مثلج وبلح وخضار وأرز أو مكرونة ولحوم أو دواجن وأسماك وسلطة الخضراء ونبدأ في تجهيزها عقب صلاة الظهر من كل يوم وقبل الإفطار بنصف ساعة ينقل الشباب الوجبات إلي الميدان بسيارة نصف نقل, ويؤكد الحاج حمودة أن القائمين علي المائدة يجدون متعة كبيرة في خدمة إفطار الصائمين وكم من الكرامات التي صادفوها في حياتهم من خلال جزاء هذا العمل الخيري, ويضيف قائلا إن الاستعداد لمائدة منشية النوبة يستمر طوال العام, وقال إن هناك وجبات ساخنة يتم تجهيزها وتوزيعها بعيدا عن المائدة وتصل إلي الأسر المحتاجة, لافتا إلي أن أحد المؤسسات الإماراتية قد أبدت إعجابها الشديد بهذا العمل ووعدت بتجهيز وتطوير المطبخ الخاص بإعداد الوجبات اعتبارا من العام المقبل