لم ير الناس في بريطانيا منذ عشرات السنين مثل هذه الكارثة, ويصعب أن ينسوا صورها التي استولت علي الاهتمام بمختلف وسائل الإعلام التقليدي والتواصل الاجتماعي. فجأة اشتعلت النيران في مبني سكني مؤلف من24 طابقا, علي بعد أمتار من ويست فيلد, أحد أكبر مجمعات التسوق في بريطانيا وأوروبا. وفي الساعات الأولي من صباح أمس, استحال برج جرينفيل الذي يضم127 شقة, إلي كتلة من النيران المستعرة. وانتشرت صور الناس وهم يصرخون من النوافذ طالبين الغوث. وبعد أقل من6 دقائق من الاتصال بها وصلت سيارات إطفاء الحريق والإسعاف إلي مسرح الكارثة, غرب العاصمة البريطانية وتقول السلطات إن12 شخصا, حتي الآن, لقوا حتفهم بينما يعالج68 بينهم18 في حالة حرجة في6 مستشفيات في أنحاء لندن ولم تمر ساعات إلا واكتشفت لندن أن طباعا أخري في أهلها. فقد انتشرت قصة سيدة صرخت من نافذة في الدور العاشر وهي تلقي ابنها صارخة في المارة أن يلتقطوه. وقبل أن يرد عليها أحد داهمتها النار فألقت به وجري شاب بسرعة استجابة لصرخة السيدة والتقط الطفل. وتقول تقارير إن كل سكان المبني يعتمد علي مساعدات الدولة بينهم عرب ومسلمون. وبث بمحطات تليفزيونية ووسائل التواصل الاجتماعي فيديو مرعب صورته إحدي الناجيات للناس المحاصرين في شققهم, وبعض السيدات ينطق, بلهجات مصرية وشامية ومغربية الشهادة, وأخريات يقرأن القرآن, ويدعين الله أن ينقذهم. وفي الفيديو نفسه, يحاول رجل وسيدة تجميع الناس من الأماكن التي يقترب منها النيران, في مكان يعتقد أنه آمن. وبث الفيديو أيضا علي فيسبوك, أملا في الحصول علي مساعدة. وقالت أصوات فيه: ساعدونا.. نحن محاصرون.. لا نستطيع الخروج وهرع عدد من الشبان المسلمين من أحد المساجد القريبة إلي المبني لمساعدة رجال الأسعاف, وتقديم العون لبعض سكان المبني, الذي تديره شركة لصالح المجلس المحلي لمنطقة نورث كينزنجنتون. وتبادل المسلمون في لندن فيديو لسيدة انجليزية بيضاء تجلس في الشارع وتصرخ في المارة, طالبة أن يشكروا هؤلاء الشباب المسلم علي شجاعتهم ومبادرتهم الخيرة. وتقول عندما يفعلون شيئا سيئا نتحدث عنهم.. ولما يفعلون شيئا خيرا بطوليا مثلما فعلوا اليوم لا نتحدث عنهم.. لولا هؤلاء الشبان لمات الكثيرون. وقضي اكثر من250 من رجال الإطفاء وأكثر من20 سيارة إطفاء أكثر من16 ساعة متصلة في محاولة إطفاء الحريق غير المسبوق والبحث عن ناجين, بينما تتوقع السلطات أن يرتفع عدد الضحايا نظرا لضخامة المبني وعدد سكانه الكبير وصعوبة الوصول إلي كل شقة داخله. وعلي الفور, أمر عمدة لندن صديق خان, بإجراء مراجعة عاجلة شاملة لاحتياطات السلامة والأمان في الكثير من المباني المماثلة في أنحاء العاصمة. وقال خان إن هناك الكثير من الأسئلة لابد من الإجابة عليها بشأن ماحدث وكيف حدث ومن المسئولين عما حدث. وكان المبني الذي بني منذ عشرات السنين, قد أجريت له عملية تجديد وإصلاح وصيانة شاملة في منتصف العام الماضي وطلبت الحكومة إجراء مراجعة مماثلة لتدابير السلامة في أي مبني مماثل في أنحاء البلاد. وقد شكا بعض الناجين من أنه لم توجد في المبني أجهزة أنذار, ولذلك فإن كثيرا من السكان لم يشعروا بالحريق أو ينتبهوا لاندلاعه في الدور الرابع. وعندما انتبهوا, كان الوقت متأخرا وتقطعت بهم السبل في شققهم. ولم يكد ينتصف نهار أمس حتي تدفق آلاف اللندنيين من كل الأجناس والأصول العرقية والأديان والأعمار علي مراكز أيواء مؤقتة إقيمت لمساعدة المتضرر. وامتلأت المراكز بالملابس والمأكولات والمشروبات والأدوية. وعرض الكثيرون توفير غرف في منازلهم للمشردين الذين فقدوا كل شيء. وفي مقابلات تليفزيونية, فاخر الناس بسكان لندن. وقالوا هؤلاء هم اللنديون, يتحدون وقت الشدة ويساعد بعضهم بعضا.