عاد الرئيس عبد الفتاح السيسي من العاصمة الألمانية برلين أمس إلي أرض الوطن عقب زيارة ناجحة شارك فيها في القمة التي نظمتها الرئاسة الألمانية لمجموعة العشرين للشراكة مع إفريقيا تحت شعار الاستثمار في مستقبل مشترك. وركزت لقاءات ومباحثات الرئيس المهمة في برلين علي ملفي مكافحة الإرهاب والاستثمارات والترويج للفرص الاستثمارية الواعدة في مصر إلي جانب تعزيز العلاقات الثنائية والشراكة مع ألمانيا في جميع المجالات. واختتم الرئيس زيارته أمس للعاصمة برلين بعقد لقاءين منفصلين مع رئيس شركة(G&D) الألمانية المتخصصة في تأمين وتداول الأوراق المالية والبطاقات الذكية, وشركةPlasser&Theurer النمساوية المتخصصة في صيانة خطوط السكك الحديدية. وقال السفير علاء يوسف المتحدث الرئاسي إن الرئيس عرض خلال اللقاءين تطورات تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي, وإجراءات تحسين مناخ الأعمال, وتذليل العقبات أمام المستثمرين, والإعداد لقانون التراخيص الصناعية, وقانون الإفلاس بهدف إيجاد بيئة مواتية لجذب, وحماية الاستثمارات الأجنبية في مصر, معربا عن تطلعه لجذب مزيد من الاستثمارات في ضوء الفرص الاستثمارية الواعدة في مصر. فيما أعرب رئيسا الشركتين عن اهتمامهما بالاستثمار في مصر, مشيدين بخطوات الإصلاح الاقتصادي. وخلال استقباله بمقر إقامته بالعاصمة الألمانية برلين أمس وزير الخارجية الألماني زيجمار جابرييل, بحث عددا من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك, من بينها الأوضاع الراهنة مع قطر, والأزمات القائمة في المنطقة, خاصة في ليبيا. واستعرض الرئيس خلال المباحثات رؤية مصر لتسوية تلك الأزمات بشكل سياسي وسلمي, بما يحفظ للدول سيادتها علي أراضيها ويصون مؤسساتها الوطنية ومقدرات شعوبها. وأشاد بالعلاقات المصرية الألمانية الوثيقة, مؤكدا حرص مصر علي الاستمرار في تعزيزها والارتقاء بها إلي آفاق أبعد, وخاصة في ضوء التواصل المتنامي بين مسئولي الدولتين خلال العامين الماضيين. كما أشاد الرئيس بمستوي التنسيق والتشاور بين الجانبين حول سبل مواجهة التحديات التي تفرضها الظروف الإقليمية والدولية الراهنة, وخاصة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب وتسوية الأزمات القائمة في عدد من دول المنطقة. وأكد الرئيس السيسي أن مشكلة الإرهاب لها أبعاد متعددة ولا يجب أن تقتصر مواجهته علي الوسائل العسكرية والأمنية فقط, وإنما يجب أن تمتد لتشمل تجفيف منابعه من خلال الوقوف بحسم أمام الدول التي تقوم بتوفير الدعم المالي والسياسي له, فضلا عن هدم الأسس الفكرية التي يستند إليها الإرهاب, وذلك من خلال تطوير وتحديث التعليم, فضلا عن تصويب الخطاب الديني لتعزيز القيم السمحة للأديان. من جانبه أعرب وزير الخارجية الألماني عن تقديره لما يربط مصر وألمانيا من علاقات قوية, مؤكدا تطلعه للعمل علي دفعها قدما وتطويرها علي جميع المستويات. وثمن وزير الخارجية الألماني دور مصر في منطقة الشرق الأوسط, منوها بضرورة تعزيز التشاور بين البلدين بما يتواءم مع طبيعة التحديات التي تواجه المنطقة والعالم. وخلال استقباله فولكر كاودر زعيم الأغلبية في البرلمان الألماني, جدد الرئيس عبد الفتاح السيسي تأكيده استمرار مصر في مواجهة الإرهاب علي جميع المستويات سواء العسكرية والأمنية أو السياسية والفكرية, داعيا المجتمع الدولي إلي اتخاذ موقف حاسم تجاه تمويل الإرهاب. وشدد الرئيس علي أن تجفيف منابع الإرهاب لا يقل أهمية عن مواجهته عسكريا وأمنيا, موضحا في الوقت نفسه أهمية تعزيز التعاون والتشاور بين مصر وألمانيا بما يساهم في التصدي للتحديات المشتركة الناتجة عن الأزمات القائمة بالمنطقة, ومنها أزمة تدفق اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين. ودعا الرئيس السيسي إلي ضرورة تطبيق استراتيجية شاملة للتعامل مع أسباب هذه الظاهرة, بحيث تشمل التوصل إلي تسويات سياسية للنزاعات القائمة بالمنطقة, بالإضافة إلي تعزيز جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وأشار السفير علاء يوسف المتحدث الرئاسي إلي أنه تم خلال اللقاء بحث آخر تطورات الأوضاع في بعض دول المنطقة, وسبل تعزيز الجهود الدولية الرامية للتوصل إلي تسويات سياسية للأزمات القائمة, وكذلك بحث سبل التصدي للإرهاب والهجرة غير الشرعية. من جانبه, أشاد زعيم الأغلبية بما تشهده العلاقات المصرية الألمانية من تنام ملحوظ. وشهد اللقاء مباحثات حول سبل تطوير التعاون الثنائي بين البلدين في مجالات التعليم والتدريب الفني والمهني. في سياق متصل, أكد الرئيس السيسي خلال استقباله الأنبا دميان أسقف الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في ألمانيا, أن مصر ستظل دائما وطنا لجميع أبنائها دون تمييز, منوها باعتزازها بأبنائها المقيمين في الخارج باعتبارهم سفراء للوطن يعكسون ما تحمله الشخصية المصرية من قيم أصيلة. وأشار الرئيس السيسي إلي قوة النسيج الوطني المصري, موضحا أن ضربات الإرهاب لن تنجح في ضرب الوحدة الوطنية في مصر. وقال الرئيس إن مصر تواجه الإرهاب بكل عزم وقوة, وأن المصريين واعون تماما بأهمية توحدهم صفا واحدا, في الخارج والداخل, في مواجهة هذه الأعمال الإجرامية التي لا تقبلها الأديان ولا الإنسانية. وأكد حرص الدولة المصرية علي ترسيخ قيم المواطنة والتعايش المشترك, وذلك من خلال الممارسات الفعلية علي أرض الواقع, مشددا علي أهمية الدور المحوري للمؤسسات الدينية في نشر أفكار التسامح والانفتاح, وتعزيز القيم الدينية السمحة, ودحض الأفكار الفاسدة للتطرف والإرهاب والتشدد. من جانبه, أعرب الأنبا دميان عن سعادته بلقاء الرئيس السيسي, مشيدا بدوره في استعادة الاستقرار والأمن في مصر خلال السنوات الماضية. كما أكد قيام الكنيسة القبطية في ألمانيا ببذل الجهد للتواصل مع المجتمع الألماني لنقل الصورة الحقيقية عن الأوضاع في مصر وتصحيح الأفكار الخاطئة في هذا الشأن.