الأزمة التي تفجرت بين قطر من ناحية ودول عربية علي رأسها مصر والسعودية من ناحية وأدت الي قطع العلاقات الدبلوماسية هي في جانب منها جزء من هزات ارتجاجية لم تتوقف لزلزال ثورات الربيع العربي بين الذين حاولوا استثمار هذه الثورات للعب أدوار قد تتعدي أحجامهم وقدراتهم الحقيقية وبين من حاولوا احتواء الثورات خوفا من أن يؤدي امتدادها الي الاضرار بهم. ظاهر الأمر للأحداث يوحي بأن هذه الثورات قد وئدت وانتهي أمرها وأن المطلوب هو محاولة إعادة ترتيب للأمور من كلا الجانبين كل وفق رؤيته لمصالحه. لكن ما يجري علي الأرض يقول إن ما يحدث في العراق واليمن وسوريا وليبيا مرورا بسيناء هي كلها هزات ارتجاجية لزلزال لم ينته بعد وإن كانت صدمته الأولي قد خفت حدتها الي حد قد يتصور معه البعض أنه خمد ومات. بعض جذور ما يحدث قديمة. فمنذ العام1996 وبعد أن أطاح الشيخ حمد بن خليفة أمير قطر السابق بوالده الشيخ خليفة وقطر تسعي الي لعب دور يعكس قوتها المالية ويغطي علي ضعف قوتها حجما وسكانا في مناطحة للسعودية. هذا الصراع المكتوم بين قطر وبين السعودية خرج إلي العلن مع اندلاع ثورات الربيع العربي. سعت قطر لمحاولة استغلال الثورات في مصر وتونس وليبيا أملا في لعب دور يؤهلها له ثقلها المالي بينما سعت السعودية الي احتواء هذه الثورات والحد من تداعياتها والتقت أهداف السعودية وقطر في الموقف مما يحدث في سوريا علي حين تضاربت مواقف قطر والامارات مما يجري في ليبيا. لأن الدعم والاحتواء لم يكونا قائمين علي استراتيجية فقد وجدت الأطراف الخليجية نفسها تفعل الشيء ونقيضه. أخذت الأقدام تغوص شيئا فشيئا في رمال متحركة خلقها الزلزال واهتزازاته بحيث تحول في حالة قطر الي دعم وتمويل لإرهاب طال بشكل أساسي مصر وليبيا. وعلي حين وجدت الأطراف الخليجية نفسها تدعم منظمات إرهابية في سوريا مما أطلق عقال وحش النصرة وداعش من عقاله فإن قوي اقليمية هي ايران وتركيا تحديدا استغلت التخبط الخليجي لكي ترسخ لأنفسها موطيء أقدام في المنطقة وكانت ايران الأكثر استفادة في العراقوسوريا واليمن. تلاقت بعض أهداف قطروايران وتركيا في مواقف وتناقضت في مواقف أخري كما تلاقت بعض أهداف السعودية وتركيا وتناقضت أهداف ايران والسعودية. في كل ذلك كانت الولاياتالمتحدة حاضرة بتناقضات تبدو عصية علي الفهم للوهلة الاولي كأن تدعم واشنطن الدور الايراني المسيطر في العراق وتنسق معه عسكريا في مواجهة داعش علي حين تعارض وإن بشكل غير حاسم ذات الدور الايراني في سوريا. ومثل أن تقف موقفا شبه حيادي ازاء ما تقوم به قطر وتركيا من ناحية في ليبيا وبين ما تقوم به الإمارات. مع وصول دونالد ترامب إلي مقعد الرئاسة في واشنطن واتساقا مع برنامجه الانتخابي بأن تدفع دول الخليج تكاليف الحماية الأمريكية لها ومع تنامي خطر الإرهاب في اوروبا والي حد ما في الولاياتالمتحدة بدا أن الدور القطري الذي كان مسكوتا عنه أمريكيا يتعارض مع المصالح الأمريكية بما يستوجب لجمه. تصريح ترامب بعد قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر يقول كل شيء. فالرجل يقول إن قادة في الشرق الأوسط أكدوا دعم قطر للارهاب. ويري في قطع العلاقات مع قطر خطوة لعلها تكون بداية نهاية فظائع الإرهاب. ولأن الرجل يفتقر للدبلوماسية في تصريحاته فقد قالها علي بلاطة بأنه من الجيد ظهور نتائج زيارتي للسعودية وقد ظهرت.