لاشك في أن دبلوماسية التفاعل التي تتطلبها تلك المرحلة الفارقة والمفصلية من عمر الوطن تدعو إلي الانخراط بشدة في التوجه الإفريقي للسياسة الخارجية التي قادها الرئيس السيسي منذ أن جاء منتخبا إلي الحكم حيث زار دولا كثيرة افريقية شكلت المفتاح الحقيقي لدبلوماسية ناجحة ذلك أن افريقيا كانت وستظل التزاما سياسيا ودبلوماسيا لمصر في عهد السيسي. ينبغي أن يكون دور الدبلوماسية المصرية فاعلا وناجحا في استثمار هذا التوجه, وأن تصبح هذه القارة في صلب السياسة الخارجية المصرية لأن المصالح المشتركة موحدة وهي أيضا فضاء للعمل الجاد والتنمية المشتركة. وكانت دولة الجزائر الشقيقة هي أول دولة يزورها الرئيس السيسي بعد أن تولي مقاليد الحكم لان نقاط التشابه كثيرة بين البلدين..ومن ثم أعطي السفير عمر أبوعيش سفير مصر لدي الجزائر الشقيقة مفهوما جديدا للدبلوماسية المصرية وعمل علي نقلها من دبلوماسية القول إلي دبلوماسية الفعل, فسعي إلي أن يقدم نموذجا هو أن يجعل من التوجه نحو افريقيا أولوية أولي وقصوي لان القارة الإفريقية هي امتداد طبيعي وجغرافي لمصر. والمتابع لأنشطة السفير يتبادر إلي ذهنه أن المنفعة المشتركة بالنسبة لعلاقة مصر بالجزائر لا تقف عند المقومات التاريخية والعوامل الجيواستراتيجية أو المنافع الاقتصادية, وإنما تستحضر البعد الاستشرافي للمصير المشترك بين الطرفين. فبعد عقود من سيادة نموذج لسياسة خارجية متمركزة علي القطب الأوروبي, والذي يحرص في علاقاته مع دول جنوب البحر المتوسط علي رجحان كفة الهاجس الأمني علي حساب البعد التنموي المتوازن, بات اليوم من الضروري بالنسبة لمصر والجزائر النظر بدقة في العمق الإفريقي واستثمار نجاح الجزائر في تصدير نموذجها التنموي ونموذجها أيضا في محاربة الإرهاب الذي بات يضرب بشدة. ودائما ما دعت السفارة المصرية بالجزائر, وعلي رأسها السفير أبوعيش, إلي تفعيل هذا الإرث التاريخي ورسملة رهانات المستقبل المشتركة بين مصر والجزائر لرفع التحديات المتمثلة في الفقر واليأس والارتماء في أحضان الإرهاب الذي بات يؤرق جهود المنظمات الدولية والأجهزة الأمنية والاستخباراتية في كل بلدان المعمورة. فالارتباط الذي يجمع مصر بالجزائر يتعين أن يكون متعدد الأبعاد ويعكس الرؤية التضامنية المشتركة وإنما تدفع بتمتين شراكة استراتيجية حقيقية تلعب فيها الأجهزة الرسمية دور الفاعل والمنسق بين الشركاء الأفارقة. فالمؤكد أن السفارة المصرية بالجزائر تعمل جاهدة علي الابتعاد عن دبلوماسية الخطاب وبات يقينا لدي السفارة أن الدبلوماسية الناجحة في العصر الحالي تراهن علي تنويع الشراكات الأفقية والمتعددة الأبعاد كما تضع الآليات الكفيلة بالتقييم والتجديد. ولا شك أن التواصل مع الآخرين واتباع دبلوماسية نشطة وفاعلة من شأنه أن يساهم في بناء تفاهمات تشكل مظلة أمان لمصلحة الدولة العليا التي يكون التوجه افريقيا علي رأسها. أدرك القائمون علي السفارة المصرية بالجزائر أن كل سياسة خارجية فاعلة لبلد يجب أن تستند علي مبادئ ومعطيات ثابتة, وأن هذه المبادئ الأساسية يجب أن تكون موضع شبه اجماع من المكونات الأساسية خدمة لهذا البلد واعلاء لمصلحته العليا. ولا شك أن الدبلوماسية السياسية الناجحة والفاعلة بحاجة إلي مضمون وطني جامع داخليا وخارجيا حيث تزايدت أهميتها نتيجة للتغيرات التكنولوجية والسياسية والاقتصادية التي طرأت عليها أخيرا. وتدرك مصر والجزائر أهمية بناء علاقات قوية وراسخة علي أسس جديدة تمكنهما من مواجهة التحديات المشتركة التي يتقاسماها ومن هنا كان حرص مصر والجزائر علي تطوير التعاون الثنائي في كل المجالات سياسيا واقتصاديا وأمنيا وغيرها. ولم يكن المجال السياسي هو المعني فقط بتوثيق العلاقات المصرية الجزائرية, بل إن الشق الأمني في التعاون لم يقل أهمية عنه بالنظر إلي أن المخاطر والتحديات والتهديدات التي تواجهها مصر والجزائر واحدة.