مكيا فللي أشهر سياسي بكتابه الأمير الذي صدر منذ قرون عدة: كتابه المطارحات كان يقول: * لن تزدهر الدولة مالم يندفع مواطنوها إلي العمل لمجدها بدافع غير الخوف من عقاب الحاكم! * لايمكن المحافظة علي الدول عن طريق الكلمات! إن نقولا مكيا فللي عاش منذ عام1469 1527 م أي عاش58 عاما فقط وكان ذلك في عصر النهضة بكل ما اشتمل عليه من تغيير عنيف أشبه بتغييرات الظواهر الطبيعية كالزلزال مثلا ووجد الإنسان في ذلك الوقت من الحرية جو جديد راح فيه يتنفس هواء جديدا! لقد كان عصر النهضة هو عصر التحولات الكبري في بنية المجتمع الأوروبي.. وشكلت النهضة في كل بلد أوروبي علي حدة بشكل خاص تبعا لخصائص المكان.. العقلية ومميزاته الروحية وظروفه الاجتماعية. * كتاب الأمير كتاب عملي جدا وواقعي للغاية قصد به صاحبه وصف الحياة السياسية الواقعية وتوجيه نظر الأمير إلي الشروط اللازمة لإقامة جمهورية أو إمارة في عالم الواقع.. لا يوتوبيا فاضلة في عالم الخيال.. وقال لقد رسم كثيرون جمهوريات وإمارات لم يعرفها أو رآها أحد قط. إن الفارق الشاسع جدا في حياة الإنسان كما هي.. وكيف ينبغي له أن يحيا.. إن من يتجاهل مايتم عمله بالفعل ويتجاوزه إلي ماينبغي أن يعمل.. فإنه سرعان ما يدرك أنه يهلك.. بدلا من أن يحافظ علي بقائه وإن كل الدول وجميع نظم الحكم التي كانت ومازالت صاحبة السلطة علي الناس جمهوريات أو إمارات.. وإما حكم فردي أو حرية أو فوضوية عشوائية وهذا النوع لايستحق الكلام عنه فهو حالة لا يوجد فيها أي تنظيم سياسي. * لقد رأي أن معظم معاصريه ليسوا صالحين بعد لشكل الحكومة الجمهورية الأكثر حرية ولا يمكن لهم أن يجهزوا بين يوم وليلة ذلك أن السمة الأساسية للحكومة الجمهورية هي الحرية.. ومن الخطر أن تعطي الحرية فجأة لأناس وهم غير معتادين عليها. يقول: وإن مثل هذا الشعب لايختلف كثيرا عن الحيوان الشرس.. خلفته الطبيعة علي الشراسة.. وألف من يعيش في الغابات.. ثم جيء به أسيرا ليقضي حياة الأسر والعبودية ولينشأ فيها ويألفها. وبعد أن تم لآسريه ما أرادوا له.. أطلقوا سراحه ليجول في الأرياف كما يشاء فأحس بالعجز عن البحث وحيدا عن غذائه.. ولم يجد مكانا يستطيع أن يأوي إليه.. فقد وقع فريسة سهلة في أيدي أول من صادفه ليعيده إلي الأغلال والقيود. هكذا كان مكيا فللي يعتقد أنه لابد من تهيئة الجو لكي يمارس الناس حريتهم.. وهي نفس الفكرة تقريبا كما يقول الدكتور إمام عبد الفتاح إمام أنه لابد من وجود فترة انتقال حتي يتهيأ الناس لممارسة الديمقراطية أو لحكم أنفسهم إنها فكرة تنطوي علي مغالطة شديدة الخطورة. مكيا فللي يري أن الحاكم عليه أن يتمكن من الحفاظ علي قوته وسلطاته وأن سياسة الحكم تعتمد علي السياسة الداخلية والخارجية كمقتضيات السلطة ثم الطبيعة البشرية. ويختم مكيا فللي كتابه إلي ضرورة قيام رجل قوي يتمكن من توحيد ايطاليا الممزقة التي تئن تحت أقدام الأجانب رجل ينقذها من التسيب والضياع.. لقد وصلت ايطاليا إلي وضعها الراهن حتي تظهر قوة العبقرية الايطالية! يعتقد مكيا فللي ان الوصول إلي الحكم يأتي عن طريق واحد من أربعة: أن يصل الحاكم إلي السلطة عن طريق قوته وقدرته أو يصل إلي الحكم عن طريق الحظ أو عن طريق الإجرام أو عن طريق مساعدة المواطنين والطريقة الرابعة عنده أن يصبح المرء أميرا برغبة اقرانه المواطنين وليس بالجريمة أو العنف وبلوغ المنصب علي هذا النحو لايتوقف أبدا علي الجدارة أو الحظ وإنما يعتمد علي الذكاء والدهاء في اغتنام الفرصة المواتية ذلك لأن المرء يبلغ منصة الحكم برغبة الشعب أو بإرادة الطبقة الارستقراطية وانه كثيرا مايشعر النبلاء أنهم عاجزون عن مقاومة الشعب.. فيعمدون إلي الاتحاد ويختارون واحدا من بينهم ويجعلونه أميرا ليتسني لهم في ظل سلطانه أن يحققوا مشروعاتهم الخاصة.. أميرا يصنعونه يحتمي في ظل سلطته وأن الأمير الذي وصل إلي الحكم بمساعدة النبلاء يعاني كثيرا من المحافظة علي حكمه أكثر من الشخص الذي رفعه الشعب إلي الإمارة.. وان الأمير الذي رفعه الشعب إلي مكان القيادة لن يجد من النبلاء حوله إلا قلة! وماذا عن علاقة الأخلاق بالسياسة؟ تقوم السياسة عند مكيا فللي علي أساس المبدأ الشهير وهو الغاية تبرر الوسيلة هذه الغاية هي في المقام الأول مصلحة الوطن ذلك لأن الوطن هو المركز الذي تدور حوله الأخلاق المكيافيلية وهو الحدود التي يضعها مكيا فللي لهذه الأخلاق.. وأن الذي يعمل من أجل غاية لاتمت للوطن بصلة هو شخص لا أخلاق له إن علي المواطن العادي نفس الواجبات التي تفرض علي رجل الدولة وعلي الحاكم ولا قيمة مطلقا للمصالح الذاتية أو الأغراض الخاصة أو الحقوق الفردية في الأمور العادية أو الشئون العاطفية وذلك بالنسبة لمستلزمات الدولة وضرورتها أكثر من ذلك يجب إلا يحسب أي حساب للأخلاق عندما يتعرض الوطن للخطر!! وماهي أخلاق السياسة عند ونستون تشرشل الزعيم البريطاني العتيد؟ يقول الدكتور إمام عبد الفتاح إمام أستاذ علوم السياسة المرموق: لقد عبر ونستون تشرشل1874 1965 وهو الذي قاد بريطانيا إلي النصر في الحرب العالمية الثانية حينما قال ارتكبت من الجرائم لصالح بريطانيا ما لو ارتكبته بداخلها لقضيت حياتي كلها في السجن! لقد كان تشرشل يؤمن بالقول الذي جاء في الكتاب المقدس كل طرقه مستقيمة وان رجل الدولة كثيرا مايجد نفسه مضطرا للسير فوق جثث المبادئ الاخلاقية حتي يحافظ علي الدولة. إن مكيا فللي لايدعو الفرد إلي التحلل من القيم والمبادئ الأخلاقية أو إلي الخروج من مبادئ الفضيلة أو شق عصا الطاعة علي الضمير انه علي العكس لقد كان مهتما بغرس المبادئ الأخلاقية عند الفرد بحيث لا كذب ولا خداع ولا رياء ولا دس ولا نميمة.