بدأت المملكة المتحدة في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بانفصالها عن الاتحاد الأوروبي, احتراما لرغبة33 مليون مواطن بريطاني صوتوا بنعم للانفصال عن منطقة اليورو, إلا أن هذا الانفصال لم يحدث بمجرد الإعلان عن نتيجة التصويت, فهذا ليس كافيا لخروج بريطانيا رسميا من الاتحاد, حيث يتحكم في هذا الخروج المادة50 من معاهدة لشبونة, فهي الإجراء القانوني الوحيد الذي عندما تتخذه بريطانيا تبدأ المفاوضات لعملية الانفصال التي تعد أكبر كارثة للاتحاد طوال ال59 عاما الماضية, أي منذ بداية تكوين نواته بموجب اتفاقية روما. إشارة البدء الرسمي لعملية الانفصال كانت بتصديق الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا مؤخرا علي قانون يتيح للبلاد الخروج من الاتحاد الأوروبي, ويسمح لرئيسة الوزراء تيريزا ماي تفعيل آلية هذا الخروج, وبموجب هذا القانون يمكن لماي إطلاق إجراءات الطلاق الأوروبي الذي من المفترض أن تستمر مفاوضاته لمدة عامين, وإذا لم تتوصل بريطانيا إلي اتفاق نهائي مع الاتحاد الأوروبي بعد عامين من تفعيل المادة50, ستخرج أوتوماتيكيا بحلول مارس2019 من السوق الموحدة والاتحاد الجمركي. ويتعين علي الحكومة البريطانية العمل علي التفاوض مع الدول الاعضاء للاتحاد للحصول علي أفضل صفقة ممكنة في العلاقات التجارية قبل الخروج من الاتحاد الأوروبي( بريكست), ووضع خطط تمنع الهجرة وإبرام اتفاقات تجارية ثنائية مع انسحابها بما يحقق لها خروجا نظيفا بأقل خسائر ممكنة. وأعلنت ماي عن تفعيل المادة59 من معاهدة لشبونة في الأسبوع المنصرم إيذانا بعملية الانفصال, حيث تعطي هذه المادة الحق لأي عضو في الاتحاد الانفصال عنه, وتمنح مهلة عامين للانتهاء من مفاوضات الانفصال التام, وبمجرد تفعيل هذه المادة لا يمكن التراجع عنها إلا بإجماع من كل الدول الأعضاء, وإذا أرادت دولة بعد الانفصال والانضمام مرة أخري للاتحاد يكون ذلك جائزا, وعليها أن تتبع الإجراءات التي تنص عليها المادة49 من نفس الاتفاقية. ويعد إعلان ماري عن تفعيل المادة50 من معاهدة لشبونة إعلانا رسميا بنية بريطانيا للخروج من الاتحاد وإلا فإنها تخاطر بالخروج دون التوصل إلي اتفاق مع باقي دول الاتحاد, لذلك فقد أعلنت ماي أنها بصدد إصدار كتاب أبيض عن تصورات وخطة الحكومة لعلاقة بريطانيا المستقبلية مع الاتحاد, كما أنها ستفرض رسوم دخول للسوق الأوروبية الموحدة لكن في نطاق محدود. وأكدت أمس أنها لن تسمح أبدا بأن يخرج جبل طارق عن السيادة البريطانية بدون موافقة سكان تلك المنطقة الواقعة جنوب إسبانيا, وذلك بحسب بيان صادر عن الحكومة. وفيما تصدرت هذا المسألة النقاشات في إطار عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي, قالت ماي في اتصال هاتفي مع رئيس وزراء جبل طارق فابيان بيكاردو لن نبرم ابدا اتفاقا ينقل سكان جبل طارق الي سيادة أخري بعكس رغباتهم التي يعبرون عنها بحرية وديموقراطية. وكان الاتحاد الاوروبي أعلن أن علي إسبانيا ان توافق علي تمديد اي اتفاقية تجارية بين الاتحاد وبريطانيا في حال كانت تشمل ايضا ال7,6 كلم مربع التي تخضع للسيادة البريطانية عند ساحل اسبانياالجنوبي. وهذا يعني أن مدريد يمكن ان تمنع دخول جبل طارق في اي اتفاقية تجارية, ويخشي السياسيون في هذه المنطقة بأن تستخدم مدريد الفيتو في سعيها لبسط سيادتها علي شبه الجزيرة. وأبلغت ماي بيكاردو بأنها لن تدخل في عملية مفاوضات حول السيادة بدون موافقة جبل طارق, بحسب ما ورد في المكالمة الهاتفية بينهما التي نشر مضمونها مكتبها في دواننج ستريت.