قال الفنان فاروق حسني إنه يعتز كثيرا بالكتاب الذي وقعه الأسبوع الماضي حاملا اسمه, ومتناولا مشواره الفني منذ كان طالبا بكلحية الفنون الجميلة, ومتضمنا تجربته ورؤي نقدية لفنه ومعارضه الفنية وصورا نادرة له منذ السبعينات حتي الآن, باعتباره خطوة تجاه توثيق الفن التشكيلي المصري, والذي أصبح من الملاحظ أن هناك اهتماما ووعيا بتحقيقه لدي البعض في مصر سواء من جانب الفنانين أو النقاد أو مقتني الأعمال الفنية أو بعض دور النشر, وتمني تضافر الجهود في هذا المجال لحفظ هويتنا ومخزوننا الإبداعي العظيم. وأكد الفنان ل الأهرام المسائي في لقائه به بمناسبة صدور الكتاب في حديث تطرق إلي الفن والثقافة والسياحة ومصر.. الإبداع والإلهام أنه عندما يتأمل مشواره الفني فإنه يجد تأثرا كبيرا بالحضارة المصرية القديمة, وأنه منذ كان طالبا في كلية الفنون الجميلة كان يسافر حتي حدودنا الجنوبية, و يزور الآثار الفرعونية ويتواصل عن قرب مع الحضارة المصرية فيتولد داخله الكثير من المعاني والأحاسيس المتنوعة العميقة.وأضاف: في الصعيد هناك إلهام عظيم وثري جدا لأي إنسان, ولا أعرف السبب وراء ذلك! ما أعرفه أن هناك في الصعيد طاقة تحرك في الإنسان كل قدراته وطاقاته الإبداعية.. حتي الآن عندما أذهب إلي الأقصر وأسوان, ثم أعود إلي القاهرة يكون لدي الرغبة الشديدة في دخول مرسمي والرسم لأوقات طويلة, ولا أعني بذلك انني أعود فأرسم الأقصر وأسوان, لكن ما أقصده أنه يتولد داخلي الطاقة التي تساعدني علي الرسم.. والمدهش أنه مثلما يتفرد الجنوب بكل تفاصيله وعناصره وأسراره الحضارية والتاريخية بهذه القدرة الرائعة علي الإلهام فإن الإسكندرية تلك المدينة الساحرة القابعة في الشمال ذات الطابع الخاص المميز هي أيضا ذات تأثير طاغ علي الإنسان, وقد تأثرت كثيرا بها في حياتي الفنية, كما خرج منها مبدعون عظماء في مختلف المجالات أمثال سلامة حجازي, سيد درويش, سيف وأدهم وانلي, توفيق الحكيم, يوسف شاهين, شادي عبد السلام وغيرهم. وحول ما أثير مؤخرا عن صعوبة فهم فنه قال إن الفن التجريدي يستشعر بالنظر, وهو فن بصري أساسه وقوامه وجداني لا أدبي, لأنه لو كان أدبيا لضم شخوصا وموضوعات ذات مدلولات متعارف عليها لدي الجميع, فالفن التجريدي علي وجه التحديد يتخلص من الشكل, ويحقق موسيقي مرئية بالعين, أي أنه يبدع موسيقي نراها بدلا من الاستماع إليها. وردا علي سؤال عن سر امتزاج العفوية في أعماله بالرؤية الفلسفية العميقة قال: العمل الفني نفسه لا يحمل فلسفة, إنما تنعكس شخصية الفنان عليه, فأنا دارس وقاريء جيد, وعشت تجارب هائلة سواء في مصر أو في أوروبا, وكان المنطق أساس كل ذلك, وفي نفس الوقت هناك قضية مهمة وهي: كيف يتعامل الفنان بمشاعره أحيانا بعفوية وأحيانا أخري بمنطق واضح؟ وفي رأيي أن الفنان لابد أن يشغل الطفل الذي بداخله, والطفل دائما يشتغل لدي الفنان بعفوية ثم بخبرته قد يعدل في هذه العفوية في أوقات لاحقة, وبالتالي انعكس ذلك علي لوحاتي التي تحمل منطقا و تجربة واسعة, وأحيانا أرسم اللوحة وأشعر أنني قد انتهيت منها فأوقعها وأخرج من المرسم, إلا أنني بعد قليل أجد نفسي غير قادر علي اعتبارها قد انتهت بالفعل, لأنها لم تفلح في أن تضم ما بداخلي, وأنه ربما كانت الحرفية الفنية هي ما أخرجتها للنور, ولذلك بعد وبعد قليل أعود فأجري تغييرات بها حتي تنقل الحالة التي بداخلي. وحول رأيه في المشهد التشكيلي المصري الراهن قال: أصبح ثريا للغاية ويشهد حالة من الانتعاش والطفرة الحقيقية, وأنا سعيد للغاية بشباب الفن التشكيلي, وأفتخر ببحثهم وجرأتهم في التناول الفني, وهم يمثلون كنزا بما لديهم من لغة تخاطب قادرة علي التواصل مع العالم. وأكد فاروق حسني أنه من الضروري استثمار مجموعة من الأحداث الثقافية المهمة في الترويج السياحي لمصر, وفي مقدمتها اختيار الأقصر عاصمة للثقافة العربية عام2017, والذكري المئوية الثانية لاكتشاف معبد أبو سمبل, قائلا: أري أن إقامة احتفالية ضخمة عالمية تتضمن فنونا رفيعة أمام المعبد أفضل من عشرات الفعاليات المحلية التي لن يكون لها مردود ثقافي وسياحي وحضاري كبير.