اذا كنا جادين حقا في علاج ارتفاع ظاهرة الطلاق فلابد من المراجعة الواضحة لأسبابه, والمواجهة الشجاعة لها, وأن تتحمل الدولة مسئوليتها بغض النظر عن التكاليف المادية المترتبة عليها, وعلي المجتمع كذلك أن يتحمل مسئوليته فيصنع رادعا أخلاقيا واجتماعيا لا يتجاوزه الأفراد في تحمل واجباتهم ورعاية أسرهم, وفي هذا الإطار فإني أقترح: تبني خطاب إعلامي ورسمي يبصر الناس بواقعهم دون تهويل, مع إعطائهم مساحة حقيقية من الأمل والتنفيس والرضا الذي يؤدي لتخفيف الضغط النفسي الواقع عليهم ليستطيعوا تحمل باقي مسئولياتهم. التأكيد علي القيم الأخلاقية وتبني خطاب اعلامي وفني ملتزم بها, ومحاربة كل تشجيع علي انفلات أو تمجيد الرذيلة. نشر الوعي بحقوق الزوجين, وتعليمهما كيفية علاج المشكلات الزوجية, وتبصير كل من الزوجين بحقيقة الحياة الزوجية بما فيها من مسئولية واحتمال, واستخدام الوسائل الاعلامية مرئية ومسموعة ومكتوبة والبرامج الفنية في المساعدة علي ذلك, وتنويع الأساليب, بدلا من تلك البرامج والأعمال الفنية التي تصور العلاقة الزوجية علاقة أنداد يتربص فيها كل طرف بصاحبه, ويحاول كل طرف تحقيق مراده بكل وسيلة سواء كان الأمر صوابا أم خطأ وسواء كان ذلك في مصلحة الأسرة أم لا. ومن هنا فلابد من وضع تصور كامل تشترك فيه الجهات المعنية كافة للوصول إلي هذا الهدف, ولا مانع مثلا من أن يتسلم كل مقبل علي الزواج ذكرا كان أو أنثي كتيبا يوضح له مسئوليته وكيفية التخطيط السليم لبناء أسرته. وعلي الدولة أن تنمي الوعي بأهمية المستشار الأسري الأمين, وأن توفر لهذا الأمر مكاتب منتشرة, وأفرادا مؤهلين, ومكافآت تشجيعية لكل من طلب المساعدة ولكل من استفاد من هذه المساعدة. وعلي الدولة أن تهتم بتخفيف الضغوط الاقتصادية علي الأسر بعيدا عن مبدأ السوق المفتوح وتخفيف الدعم, وعليها أن تعطي حوافز اقتصادية مرتبطة باستقرار الأسرة واستمرارها, ومن ذلك مثلا: رفع العلاوة الاجتماعية الخاصة بالزواج والأولاد, إذ لا يعقل أن تظل بمقدار جنيهين عن كل فرد بعد مرور ما يقرب من خمسين عاما من إقرارها, والأفضل أن تعطي حوافز تشجيعية لاستمرار الزواج بأن تعرض زيادة سنوية عن كل سنة تمر علي الزواج دون انفصال وتستمر الزيادة مثلا إلي حين مرور سبع سنوات علي الزواج ثم لا تعطي أي زيادة علي ما فوق ذلك. وضع حد معين أعلي لدعم المتزوجين علي بطاقات التموين يراعي استمرار الأسرة ويشجع انفصال الأفراد لأجل الزواج عن بطاقات تموين ذويهم. زيادة الدعم الصحي للأسر التي لا يدخلها الطلاق. تغليظ العقوبة علي كل من أوقع طلاقا في زواج موثق دون أن يوثقه, وفتح طرق مختلفة لاثبات وقوعه, ومعاقبة كل من وقع عليها الطلاق ثم لم تقم بإبلاغ الجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات لتوثيقه وخصوصا إذا انتهت عدة هذا الطلاق أو كان بائنا لا رجعة له. تعديل قانون الطلاق علي الإبراء( الخلع) بحيث لا يضيع علي الأزواج ما وضعوه من مهر في قائمة العروس وغيرها, وأن تتحمل طالبة الطلاق حقيقة ما تم اداؤه من المهر بما يتناسب مع عسر الزوجة ويسارها ومكانتها, لأن مسألة رد جنيه واحد باعتباره مقدم الصداق لا تتناسب مع حقيقة الأمر وواقع المجتمع, ولعلها مما ييسر علي المرأة طلب الطلاق لغير سبب حقيقي يستحق هدم الأسرة وكيانها. تشديد العقوبة علي كل من استهان بالحياة الزوجية واستخدم وسائل النشر والاعلام لاذاعة ذلك ولمحاولة تشجيع الناس علي فصم عري الزوجية, كما يتم سن تشريع يوقع العقوبة علي كل من قام بأمر أو ادعاء ثبت كذبه وأدي إلي وقوع الطلاق بين الزوجين. التشديد في محاربة الإدمان ومروجيه, والتضييق علي المدمنين إلي حين طلبهم العلاج والمساعدة, وتوفير أماكن العلاج الآدمية المجانية, والإكثار من حملات الضبط التي تستطيع الكشف عن المدمنين وعلاجهم. إن الأمر في نظري ليس في تشريع الطلاق, فإنه كما قلت رحمة من الله بعباده, بل هو أحد وسائل الأمان النفسي والمجتمعي إن أحسن استخدامه والواجب علينا أن نتكاتف وأن يقوم كل منا بمسئوليته. كلية أصول الدين جامعة الأزهر