هل يمكن للكونجرس الامريكي بمجلسيه, ان يطعن في أهلية دونالد ترامب ومحاكمته علي اتهامات يمكن إدراجها ضمن الخيانة العظمي أو الرشوة أو الجرائم ضد الإنسانية وإزاحته من منصبه؟ كل تلك الجرائم التي ارتكبها العديد من الرؤساء السابقين, ولكن لم يدن فيها أي منهم؟ إن هناك محاولات للوصول الي محاكمة ترامب أمام مجلس الشيوخ, بالرغم من أنه لم يتول الرئاسة الا منذ شهر واحد فقط, إلا أن الكثيرين يرون أنه في هذا الشهر ارتكب عددا كبيرا من الأخطاء, ويشعرون بالقلق إزاء ما يمكن أن يرتكبه إن هو استمر في رئاسته للولايات المتحدةالأمريكية لفترة أطول. وإن حدث أن حوكم ترامب وأدانه مجلس الشيوخ واستبعد من المنصب, ستصبح أول سابقة من نوعها في التاريخ الامريكي. ففي الماضي وصلت الأمور مرتين الي حد المحاكمة, مرة مع اندرو جونسون( الرئيس الأمريكي في الفترة من عام1865 الي1869, عندما تولي الرئاسة بعد مقتل ابراهام لينكولن) ومرة ثانية مع بيل كلينتون(1993 الي2001), ولكنهما لم يدانا, وبقيا في منصبيهما; وفي الحالة الثالثة, قدم الرئيس ريتشارد نيكسون(1969 الي1974) استقالته حتي لا يتقدم الي المحاكمة, بعد أن اتهم بالسماح لحزبه الجمهوري التجسس علي الحزب الديمقراطي فيما عرف بفضيحة ووترجيت, حتي لا يحاكم أمام الكونجرس ويتم إزاحته من منصبه. يري بعض المحللين السياسيين أن هناك ما يكفي لأن يتم التقدم بعريضة اتهام ضد دونالد ترامب, الي مجلس النواب تضم كل المعلومات الخاصة للبدء في التحقيق في قيام دونالد ترامب ومعاونيه بأعمال فيها تعارض في المصالح وانتهاكات أخلاقية وعلاقات مع روسيا; وهي كلها يمكن أن تكون سببا في إعفائه من منصبه, بناء علي الدستور الامريكي والذي ينص علي أن الرئيس والنائب وكل الموظفين في الولاياتالمتحدة يتم إعفاؤهم من مناصبهم في حالة إدانتهم بالخيانة العظمي, او الرشوة أو أي من الجرائم الكبري او الجنح بناء علي قرار من مجلسي الكونجرس. ولكن السؤال الأهم هو: هل الولاياتالمتحدة علي استعداد لأن تصل بالأمور الي هذا الحد؟ أو هل تريد أن تصل بالأمور الي هذا الحد؟ لأنه إن حدث وتم إدانة ترامب وازاحته من البيت الأبيض بعد أسابيع قليلة من توليه الرئاسة, فإن جوهر فكرة الديمقراطية نفسها سوف يهتز; وسوف تتحول أكبر دولة ديمقراطية في العالم لتصبح مجرد دولة من جمهوريات الموز كما وصفها بعض المحللين السياسيين الأمريكيين. أي أنها ستكون مثل تلك الجمهوريات التي تشهد انقلابات, وأزمات اقتصادية وعدم استقرار سياسي واقتصادي. إذ يصبح من الصعب علي أكبر وأقوي دولة في العالم, تلك التي تدعي تصدير الديمقراطية الي الشعوب التي تقع تحت وطأة الاستبداد, وترسل قواتها العسكرية لتحريرهم, أن تفتقد للديمقراطية فتتخلص من رئيسها الذي أنتخب ديمقراطيا في انتخابات عامة, يجب ألا تشوبها شائبة. في نفس الوقت, فإن إقصاء رئيس أمريكا المنتخب من منصبه بعد فترة قصيرة, سيكون بمثابة صفعة للغالبية من الأمريكيين الذين أعطوه صوتهم في الانتخابات, ووثقوا في نظامهم السياسي. وسوف تكون النتيجة الحتمية لمثل هذا الوضع هو تعميق انقسام الشعب الامريكي, وتعميق مشاعر الكراهية بين الجانبين, بعد أن أشعلها مواقف ترامب من المهاجرين والمسلمين والدعوة القومية للانغلاق والانعزال. ولا يمكن توقع نتائج مثل هذا الانقسام علي السلام الاجتماعي. لذا فإن الولاياتالمتحدة الآن تعيش معضلة خطيرة: أن تعيش أربع سنوات مع رئيس يتخذ قرارات سريعة وغير محسوبة, أو أن تفقد أساس وجودها وهي الديمقراطية.