نحتاج الي أن نضع خطة متكاملة لاختيار القيادات, علي اختلاف انماطها ووضعنا في الاعتبار تنوع المؤسسات في البلاد. لنأخذ علي سبيل المثال الأزمة الراهنة بصدد المطالبة بإقالة كل رؤساء الجامعات وكل عمداء الكليات, هكذا دفعة واحدة! والسبب المعلن ان هذه القيادات تم تعيينها بواسطة النظام السابق ومن خلال اختيارات جهاز أمن الدولة, والذي كان يستبعد الأكفاء ويعين أهل الثقة من المرضي عنهم. وفي تقديرنا أن إقالة كل رؤساء الجامعات وكل عمداء الكليات التي يظن البعض أن في ذلك استجابة لروح ثورة25 يناير إجراء مخالف للقانون من ناحية, وقد يؤدي لو اتخذ إلي فراغ في الإدارة الاكاديمية, من شأنه أن يؤثر تأثيرا سلبيا علي العملية التعليمية. ولو نظرنا إلي عملية اختيار المحافظين في ظل القرار الأخير الخاص بحركة المحافظين لأدركنا أنها تحتاج إلي عملية مراجعة شاملة. وكان من أبرز الاحتجاجات إضراب طلاب الجامعات وبعض الاساتذة المطالبين بإقالة عميد كلية الإعلام. وفي تقديرنا أن إقالة كل رؤساء الجامعات وكل عمداء الكليات التي يظن البعض أن في ذلك استجابة لروح ثورة25 يناير إجراء مخالف للقانون من ناحية, وقد يؤدي لو اتخذ إلي فراغ في الإدارة الاكاديمية, من شأنه أن يؤثر تأثيرا سلبيا علي العملية التعليمية. أما من ناحية مخالفة القرار الثوري المقترح للقانون فلأن هناك قانونا ينظم العمل بالجامعات, وينص علي تعيين رؤساء الجامعات وعمداء الكليات. وهذا القانون أدي في التطبيق بالفعل الي سلبيات واضحة لانه تم في ظله تعيين قيادات جامعية علي مختلف المستويات لاترقي الي المهام التي كلفت بها, لأنها لم يتم اختيارها علي أساس التميز الأكاديمي وهذا شرط ضروري, أو علي أساس القدرة الإدارية. ومع ذلك إذا أردنا أن نغير الوضع, فليس هناك من سبيل سوي تغيير القانون الحالي, وهناك مقترحات مقبولة في رأينا بأن يكون اختيار رؤساء الجامعات وعمداء الكليات بالانتخاب. وهذا النظام كان معمولا به منذ سنوات قبل إلغائه, وإرساء مبدأ تعيين القيادات الجامعية, ولا بأس من العودة إلي النظام القديم استجابة لروح ثورة25 يناير التي ترفض أن تعين القيادات بدون استشارة القواعد. وقد سار وزير التعليم العالي في هذا الطريق, لأنه كون لجنة من كبار الأساتذة لوضع قواعد انتخاب القيادات الجامعية ستعرض علي أساتذة الجامعات في مختلف الجامعات المصرية لأخذ رأيهم, وتلقي اقتراحاتهم قبل استصدار القانون اللازم. ومع كل ذلك أصرت جماهير الطلاب في كلية الإعلام بجامعة القاهرة ومعهم بعض الأساتذة علي الإضراب والاحتجاج بل الاعتصام, مما أدي إلي تعطيل العملية التعليمية. والواقع أنه تعددت المطالبات في العديد من المواقع بإقالة المديرين أو بعض رؤساء الشركات, علي أساس أنهم عينوا في ظل النظام البائد, مما يدعو إلي اقالتهم وتعيين قيادات جديدة ليست هناك رؤية واضحة في كيفية اختيارها, وتتعدد هنا الرؤي بل تتضارب حسب اتجاهات وميول وأهواء المحتجين. ولانظن أن هذه المواقف التي تنسب إلي ثورة25 يناير لها أي علاقة بالثورية, بل إنها علي سبيل القطع لها علاقة بالفوضي. ولابد أن نؤكد أن هناك فرقا قاطعا بين الثورة والفوضي, الثورة عمل جسور قامت به طلائع الشباب التي أيدتها جماهير الشعب المصري من كل الفئات وكان اهم شعاراتها المرفوعة إسقاط النظام, ولايعني ذلك بالضرورة إسقاط كل القيادات التي عملت في ظل النظام السابق! لأنه لو طبقنا هذا المبدأ علي إطلاقه, فمعني ذلك أننا نعمل علي تفكيك الدولة ذاتها, وهذه مسألة بالغة الخطورة! لا بأس من اقتراح سياسات جديدة لاختيار القيادات أيا كان موقعها, وكلما كان ذلك بالانتخاب فإن العملية ستضمن مشاركة العاملين في الاختيار, غير أن هناك مؤسسات كالشركات لايمكن تعيين رؤسائها بالانتخاب, لأن هناك مواصفات دقيقة لابد أن تتوافر في مدير الشركة ولايمكن للانتخاب أن يكون آلية مناسبة لاختياره. ولو نظرنا إلي عملية اختيار المحافظين في ظل القرار الأخير الخاص بحركة المحافظين لأدركنا أنها تحتاج إلي عملية مراجعة شاملة. ولكن المراجعة لاتعني علي وجه الاطلاق كما حدث في قنا الاعتراض علي المحافظ بالاعتصام, وقطع طريق السكك الحديدية, ورفع الشعارات الطائفية أو الشعارات المعادية للدولة. فهذه التصرفات غير المسئولة ليست سوي بلطجة مرفوضة تماما, ومن شأن الخضوع لها التأثير علي هيبة الدولة, والديمقراطية لم تكن قط عملية إملاء القرارات من القاعدة علي القمة. صحيح أنه من حق القواعد الجماهيرية أن تشارك بشكل منظم في عملية إصدار القرار, ولكن ليس عن طريق البلطجة وتعطيل مصالح الناس والنوم علي قضبان السكك الحديدية لمنع مرور القطارات. ومع كل ذلك, فلا شك عندنا أن معايير اختيار المحافظين لم تكن سليمة, وذلك لانها طبقت قواعد النظام القديم في الاختيار بين ثلاث فئات: هي لواءات الشرطة السابقون, او لواءات: القوات المسلحة السابقون, أو من بين أساتذة الجامعة, وأحيانا من المستشارين القضائيين. والاختيار من هذه الفئات فقط من شأنه أن يضيق كثيرا من دائرة الاختيار. وذلك لانه من المطلوب وضع سياسات جديدة لاختيار المحافظين, تراعي إلمامهم بالعملية التنموية, ولديهم القدرة علي الإدارة ولايجوز اطلاقا اختيارهم من بين المحالين للمعاش, وكأن تعيينهم هو مكافأة نهاية الخدمة! أين أجيال الشباب من المؤهلين القادرين علي القيام بأعباء الوظيفة؟ مطلوب سياسة جديدة لاختيار القيادات في ضوء علم الإدارة حتي يتم وضع معايير صالحة وقادرة علي حسن الاختيار.