تزداد وتيرة التصعيد بين الولاياتالمتحدةوإيران, منذ أن أطلق الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب تهديده بإلغاء الإتفاق النووي مع إيران, ثم إتهامها بأنها الدولة الإرهابية الأولي في العالم, والتلويح باستخدام كل الخيارات بما فيها الحرب. علي الجانب الآخر سخرت إيران من تصريحات ترامب, ووصفتها بأنها هراء, وعندما قالت إدارة ترامب إن إطلاق إيران لصاروخ بالستي جديد ينتهك الاتفاق النووي ردت إيران بمناورة عسكرية أطلقت فيها الكثير من الصواريخ, وردت علي التهديد بالحرب بأنها مستعدة لكل الإحتمالات. الرئيس الروسي بوتين وقف إلي جانب إيران, ونفي أنها خرقت الاتفاق النووي أو أنها تدعم الإرهاب, بل أكد أنها تقف في مواجهة الإرهاب, وأن خلافه مع أمريكا لا يعني عدم وجود مجالات للتعاون. هل ترامب جاد في تنفيذ هذه التهديدات؟ أم أنه أراد إشعال حرب كلامية باتجاه طهران يمكن أن تخفي خيبته في منع رعايا7 دول إسلامية من دخول أمريكا, والذي أبطله القضاء الأمريكي, وأحدث موجة من الإحتجاجات الدولية, امتدت من أمريكا إلي أوروبا إلي باقي العالم الذي رأي فيه إجراء عنصريا لا يستند إلي منطق, خاصة أن الدول المشمولة بالعقوبات لم يمارس رعاياها عمليات إرهابية ضد الولاياتالمتحدة, لا في أحداث11 سبتمبر أو بعدها؟ يبدو أن ترامب لم يقرأ تقارير الأجهزة الأمنية والعسكرية الأمريكية عن احتمالات الصدام العسكري مع إيران, والذي ظل قيد البحث العميق طيلة عقود وفي ظل مختلف الإدارات السابقة, وتوصلت إلي أن الدخول في حرب مع إيران مكلف للغاية وغير مأمون العواقب, ولهذا كان خيار الاتفاق النووي, الذي يضمن تأجيل إيران لإنتاج سلاح نووي علي الأقل في وقت امتلكت فيه كل مقومات إنتاجها, أما الآن فقد أصبحت إيران أكثر قوة وفقا لصحيفة الواشنطن بوست الأمريكية, أما معهد الحرب في واشنطن فقال إن القدرة الإيرانية ستغير جذريا موازين القوي في الشرق الأوسط, فهل جاء ترامب ليوقف القوة الإيرانية المتزايدة؟ لا تبدو الولاياتالمتحدة مؤهلة لخوض حرب جديدة في المنطقة, فالقوة الصاروخية الإيرانية البالستية تقدر بمئات آلاف الصواريخ, والتي يمكن أن تحول المنطقة إلي كتلة مشتعلة, وزاد تعاونها العسكري والإقتصادي مع موسكو, ونشرت صواريخ إس300, وزودت قواتها الجوية بطائرات سوخوي, بل إتفقت علي إنشاء خط لإنتاجها في إيران, وصفقات ضخمة أخري, وأوروبا لا تبدو متحمسة لأي صدام مع إيران, بل رفضت فرنسا وبريطانيا أي طرح لإلغاء الإتفاق النووي, بينما ترامب يعاني من انقسام في الداخل, وتحاصره المظاهرات في أمريكا وأوروبا, بل يعمق ترامب الشروخ داخل أمريكا وبينه ومعظم دول أوروبا الرافضة لسياساته, بينما تحظي إيران بدعم قوي من كل من روسيا والصين. إن الرابح من إلغاء الاتفاق النووي ستكون إيران, التي استعادت معظم أموالها المجمدة في أمريكا, وعقدت صفقات بحاجاتها من قطع الغيار والطائرات التجارية وكل ما كانت تحتاجه أثناء العقوبات, وأعلنت أنها قادرة علي الوصول بمستوي التخصيب إلي90% وهي النسبة الكافية لإنتاج قنابل نووية, وستبدو إيران أنها ضحية إلغاء الاتفاق النووي من جانب الولاياتالمتحدة, وتكون قد ربحت رفع باقي الدول للعقوبات, وعودتها إلي برنامجها النووي دون رقابة, وتكون قد استثمرت رعونة وتخبط ترامب, الذي يبدو أنه قادر علي إثارة الكثير من الزوابع, والسير بأمريكا في طرق أشد خطورة, مسببا الكثير من الضجيج وأزمات أعنف بتصريحات وقرارات غير مدروسة, بدلا من محاولة إخراج أمريكا من أزماتها.