لم يكن رجل الأعمال أبا حنونا ذات يوم.. ولظروف يعلمها الله لم يضم نجليه لحضنه.. وخاصة الابن الأكبر الذي كان أول فرحته لم يشعر بحنانه ولاتزال صورته في ذاكرته قبيحة.. فإما صورته وهو يلقي بيمين الطلاق علي أمه.. أو صورته وهو غاضب يعتدي عليها بالضرب.. وعلي الرغم من الثراء الفاحش الذي كان يتمتع به الأب إلا أن صورته في نظر الابن كانت مشوهة.. ذكريات مؤلمة ويسترجع الابن شريط الذكريات ليتذكر ذلك الرجل الذي أنكر يوما بنوه أبناء له وطلق زوجته منذ ثمانيه عشر عاما وظلت تعيش في كنفه وهي مطلقه أيام في الحرام ومنذ ثمانية أعوام أو يزيد قليلا اصطحبها للمأذون وطلقها رسميا بوثيقة وذهب ليتزوج من أخري.. ثم عاد لمطلقته دون زواج.. معتمدا علي جبروته وسطوته.. وعاش في الحرام أيضا.. ومن وجهة نظر الابن كانت الأم هي الذبيحة التي تضحي بكل بل بأعز ما تملك من أجل ولديها حتي تضمن لهما حياة كريمة ولا يتخلي عنهما الأب.. وكان الشيطان دائما ما يوسوس للإبن بسوءات أبيه وسلوكه غير القويم مع من أصبحت مطلقته التي هي أمه.. لكن حبه الشديد للأم هو الذي كان يطرد عنه الشيطان.. وكانت الصدمة عندما التقط الابن هاتف والدته في غفلة منها ليري ما كانت توسوس به الشياطين بأم عينيه.. فقرر أن ينتقم من ذلك الرجل حتي وهو أبوه.. انتقام أهل عبد الله نفسه لقتل أبيه واتفق مع صديق له يدعي خالد علي أن يساعده مؤكدا له أنه سيحصل علي ميراث كبير من أملاك والده الذي يملك العديد من الشركات.. ووعد صديقه بأن ينعم معه بالميراث.. وأعد كل منهما سلاحا حيث تسلح الأول بسكين بينما تسلح الثاني بمفك.. واتفقا مع شخص ثالث علي توصيلهما بسيارة والده.. ونفذا جريمتهما وفرا هاربين بسيارة صديق الثاني ثم عاد الابن يتلقي العزاء في أبيه ليضلل العدالة إلا أن رجال مباحث القاهرة كشفوا الخديعة وألقوا القبض عليه وبددوا أحلامه في الميراث حيث تنص القاعدة الشرعية علي أنه لا ميراث لقاتل.. إشارتان تلقي المقدم أحمد إبراهيم رئيس مباحث قسم شرطة المقطم الإشارة الأولي في المستشفي التخصصي بوصول رجل الأعمال س.س.ع43 سنة جثة هامدة إثر إصابته بعدة طعنات وإصابات قطعية بالجانب الأيسر من الرقبة والصدر واليد اليسري.. أما الثانية فكانت من مستشفي البنك الأهلي بوصولش.ر.ع39 سنة مصابا بجرح طعني بالرقبة وطعنتان أعلي الصدر الأيمن وطعنة أسفل الصدر من الناحية اليسري.. علي الفور انتقل رئيس المباحث بصحبة العقيد أحمد نزيه وكيل الفرقة حيث تبين من الفحص المبدئي أن المجني عليه الأول رجل أعمال ويقيم بشارع17 والثاني خفيرا خصوصيا يعمل لديه.. كما تبين أنهما تعرضا لهجوم من شخصين ملثمين بعد عودة الأول من عمله وبصحبته الثاني.. وبإخطار اللواءين خالد عبد العال مساعد زير الداخلية لأمن القاهرة ومحمد منصور مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة أمرا بوضع خطة بحث لسرعة كشف غموض الحادث.. وبإشراف اللواءين هشام لطفي نائب المدير وأحمد الألفي مدير المباحث الجنائية ثم تشكيل عدة فرق تقوم علي تنفيذ خطة بحث كان من أهم بنودها فحص المترددين علي مسرح الجريمة وعلاقات المجني عليهما في محيطي السكن والعمل.. وفحص أهلية الأول وزيجاته السابقة والحالية وكذلك فحص هاتفي المجني عليهما والكاميرات بمنطقة الحادث من خلال فريق المساعدات الفنية.. أشارت التحريات المبدئية إلي أن الجناة تربصوا بالمجني عليهما في موعد عودتهما المعتاد من العمل وانتظروا علي مقربة من المنزل وأشار أحد شهود العيان بالمنطقة إلي أن الجانيين كانا ملثمين انتظرهما ثالث في سيارة ماركة سوزوكي فان رمادية اللون وهربت مسرعة فور خروج زوجة المجني عليه الأول لشرفة مسكنهما وصراخهما وجاءت عمليات الفحص الفني التي أشرف عليها العميد هشام قدري رئيس مباحث قطاع الجنوب وشارك فيها العقيد حاتم البيباني مفتش الفرقة أن السيارة التي استقلها الجناة تحمل لوحات رقم(103884 ملاكي المنيا) وهي ملك أ.م.أ ويقودها نجله في توصيلات خاصة بالإيجار. كما أفادت عملية الفحص أن هاتف المجني عليه يحتوي علي صور خادشة للحياء وفاضحة لمطلقته تم تصويرها أثناء التواصل عبر الفيديو كول. وأوضحت التحريات التي أشرف عليها المقدم أحمد إبراهيم رئيس مباحث المقطم أن القتيل له علاقات نسائية متشعبة وأن نجله عبدالله اكتشف ذلك.. كما اكتشف أنه يقيم علاقة غير مشروعة مع والدته التي طلقها منذ مايزيد علي8 سنوات.. فقرر الانتقام منه وقتله فاتفق مع صديق له يدعي خالد وأعدوا سيارة قيادة شخص يدعي محمد لاستخدامها في المراقبة والهرب من مسرح الجريمة.. وبعرض التحريات علي النيابة العامة أصدرت إذنا بضبط وإحضار الثلاثة والسيارة المستخدمة وأدوات الجريمة.. علي الفور تحركت عدة فرق بحث من ضباط مباحث الجنوب وألقت القبض علي الأول حيث يقيم في مدينة نصر والثاني بعزبة الهجانة والثالث من منطقة المرج. مواجهة وبمواجهتهم بما أسفرت عنه التحريات وأكدته عمليات فحص المساعدات الفنية اعترفوا بجريمتهم إلا أن الأول والثاني حاولا تبادل الطعنات القاتلة لبعضهما البعض وأما الثالث فأنكر علمه بأي نية قتل مشيرا إلي أن الأول والثاني اخبراه بأنهما في طريقهما لتحصيل مديونية من أحد الأشخاص.. وأرشد الأول والثاني عن مكان ملابسهما التي تلوثت بدماء المجني عليهما.. كما أرشدا عن عدد(2 كوفية) أخفيا وجهيهما بهما أثناء تنفيذ الجريمة.. فتم تحرير محضر باعترافات المتهمين الثلاثة وعرضهم علي النيابة التي أمرت بحبسهما علي ذمة التحقيق..