يسأل بعضنا نفسه هل يشعر بيقين الحياة؟ هل يعيش ويمارس حياته كما ينبغي؟ وتتوالي الأسئلة, هل نام أحدنا يوم دون عناء معنويا أو ماديا؟ هل اطمأن قلبه يوما علي نفسه وعلي حياته؟. المعاناة حولنا في كل شيء, فالجهات الحكومية لا تنهي مصالح الناس دون عناء فتشعر وكأنك لم تر يوما موظفا مسئولا في حي أو محافظة أو جمعية زراعية أو وزارة قد أخلص في عمله وأعطاك حقك مبتسما أو خرجت من عنده مبتهجا دون أن تمد يدك في جيبك وعندما تخطط لإقامة مشروع أو محل أو عقار لا بد أن تضع في الحسابات قيمة الرشوة التي تجبر علي دفعها وعندما تذهب إلي عملك لا تجد مديرا يسمعك ويهتم بآرائك ويستعين بها لو كنت صاحب فكر أو رأي وفي الأسواق تشعر وكأنك في حرب.. التاجر الذي تجرد من الصدق والأمانة, وتقف حائرا قلقا بشأن جودة السلعة أو سلامتها, ناهيك عن الغلاء الفاحش الذي يفرض لها ثمنا غير ثمنها الحقيقي؟. وفي وسائل المواصلات يغمرك الشعور باستغلال السائق لك بينما يخلو المترو من أي نوع من الاحترام والشهامة والنخوة وتتحاشي قسم الشرطة أو أية جهة مسئولة فلا تبلغ عن فساد أو مخالفة مخافة أن ينقلب عليك الأمر جملة وتفصيلا؟ أنت لا تشعر بالطمأنينة حين تلجأ للقضاء لأنك تخشي من ثغرات القانون وأشكاله أنت تعاني إذا تعاملت مع عامل سباكة أو نجار أو كهربائي أو ميكانيكي فأنت تشعر أنهم بلا ضمير في التعامل معك وأنت لا تجد رعاية في مستشفي أو مستوصف أو مركز صحة أو عيادة طبية عامة حكومية أو خاصة كمواطن له حقوق صحية؟ كما أنك لن تجد الدواء المناسب وبالسعر المناسب. نعم إنك تشعر ونشعر جميعا وكأنه قد ضاع الحق بيننا مما أجهض جهاز المناعة لدينا وجعلنا نتواري وننزوي, وأصبح الأمر لا يعنينا من قريب أو بعيد, فانتابنا جميعا الإحباط لأن كلا منا قد سعي وخطط لحياته ومستقبله ولكن الأمور لم تجر كما ينبغي؟. ويتبقي في داخل كل منا السؤال عن المتسبب في كل هذه المعاناة, دون أن يبدأ كل منا في محاسبة نفسه فيتوجه لها بعدد من الأسئلة: هل أخذت راتبك يوما وحاسبت نفسك عليه إن كان حلالا أم حراما وأدخلته علي أولادك فرحا مسرورا ورائحة عرقك فيه؟. هل يخدم صغيرنا كبيرنا والعكس؟ هل تحب لغيرك ما أحببت لنفسك؟ هل تراعي حق الجار كما أوصانا سيدنا محمد عليه أفضل الصلوات؟ هل أعطيت للطريق حقه؟ وهل سعيت لإماطة الأذي عن الطريق؟ هل دخلت علي أولادك فرحا مسرورا بما حققته من أعمال خيرية ونجاح في العمل؟ وهل عاملتهم بما يرضي الله؟ وهل تعامل زوجتك وتعاملك بما أمر به ديننا؟ هل علمت أولادك عدم اللجوء إلي الدروس الخصوصية؟, وهل أدي المدرس واجبه كما ينبغي؟ هل اتقيت الله في كل ما تقوم به مرضاة لوجه الله الكريم وأعطيت كل ذي حق حقه؟ هل تحافظ علي بلدك ووطنك دون هدف إلا المصلحة العامة؟. هل عملت بمقولة اعط العيش لخبازهدون أن تقحم نفسك فيه؟ هل سمعت شائعة أو خبرا تم تداوله علي السوشيال ميديا دون التحقق من صحته ورجوعك لمصدره؟. هل فكرت في أن تزرع شجرة, كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: من معه فسيلة فليغرسها؟ حتي لا تندم وتقول ليتني قدمت لحياتي. إذا واجه كل منا نفسه وأجاب عن هذه الأسئلة بصدق سنكتشف أننا ندفع ثمن تراخينا وإهمالنا, وتقاعسنا عن عمل الخير. لكن هذه المعاناة ليست نهاية العالم, فكم من شعوب عانت وذاقت ويلات الحروب والمجاعات والكوارث لكنها انتفضت وغيرت من واقعها, إن الفشل سوف يقضي علينا فقط حين يقضي علي إرادة الإصلاح فينا, حين ننسي قول رسولنا الكريم: الخير في أمتي إلي يوم القيامة.