ربما تكون عملية تحطيم, وإلغاء ما أصبح يسمي في الثقافة الأمريكية في الثمان السنوات الثماني الأخيرة بميراث أوباما, نتيجة فوز دونالد ترامب, واحدة من أكبر النكسات التي مني بها الحزب الديمقراطي الي جانب خسارة السباق الرئاسي وخسارة الأغلبية في مجلسي النواب في الانتخابات الأخيرة. هذا الميراث يشمل الاهتمام بالبيئة وما يعرف باتفاقية باريس, والاتفاق النووي مع إيران, والتوازن داخل المحكمة العليا, والاتفاقات الدولية الخاصة بالإصلاحات الاقتصادية. أهم شيء في هذا الميراث هو ما يعرف باوباما كير, أو التأمين الصحي الذي استنه الرئيس أوباما ليشمل22 مليونا من الأمريكيين الفقراء الذين لا يستطيعون توفير تأمين صحي لهم ولأسرهم, وذلك من خلال منح دعم مادي, من خلال إعفاءات ضريبية, الي الأسر أو أفراد من ذوي الدخل المتوسط والمنخفض ليتمكنوا من توفير تأمين صحي شامل لهم ولذويهم. عقب الانتخابات الأمريكية بثلاثة أيام التقت مجموعة من الأساتذة المهتمين بدراسة التاريخ في جامعة برنستون العتيقة في مؤتمرألقيت فيه بعض الأبحاث التي تضمنت إنجازات الرئيس أوباما, وأن الكثيرين لا يعطون تلك الإنجازات حقها اللائق من التقدير, وأن هذه الإنجازات ستزول بسرعة نتيجة تحكم الحزب الجمهوري في مجلس النواب بأغلبية ستضمن لهم تمرير أي قانون يريده الرئيس المنتخب, والذي أعلنها صراحة مرارا وتكرارا أنه سيلغي تلك الإنجازات التي حدثت إبان حكم أوباما منذ توليه الرئاسة عام2008, وحتي.2016 الغريب في الأمر أن كثيرا من المستفيدين بهذا الدعم لم يدلوا بأصواتهم لصالح المرشحة الديمقراطية, والذين أدلوا منهم, أعطوا أصواتهم لدونالد ترامب علي حسب استطلاعات الرأي التي أجريت عقب الانتخابات, وأن هؤلاء سيعانون لو نفذت خطة الرئيس المنتخب وحزبه في إنهاء ذلك الدعم بدعوي أنه يكلف دافعي الضرائب نحو800 بليون دولار. كانت هذه إحدي أهم قضايا الحملة الانتخابية بين المرشحين. كانت هيلاري كلينتون دائمة الذكر في حملتها الانتخابية أنها ستحمي ميراث أوباما وخصوصا أوباما كير, وكان الرئيس أوباما وزوجته ميشيل دائمي المشاركة في حملة هيلاري كلينتون الانتخابية, تكاد تكون بصفة يومية لضمان فوز هيلاري بالرئاسة, وبالتالي ضمان إستدامة ميراثه. لا بد هنا من ذكر أن الرئيس المنتخب دونالد ترامب قد وعد مؤيديه قبل الانتخابات بأنه سيلغي أوباما كير, وأن هذا سيكون أول قرار رئاسي له عقب تنصيبه رئيسا في العشرين من يناير الحالي, وبالفعل تم عرضه علي الكونجرس يوم الأربعار الماضي الموافق4 يناير وطرح إلغاءه, وليصوت عليه الكونجرس قبل العشرين من يناير ليكون الإلغاء في أول يوم كما وعد الرئيس المنتخب. ورغم أن الأغلبية الجمهورية تستطيع في حالة توافقها الموافقة علي أي قانون, إلا أن الرئيس المنتخب وحزبه لم يطرحوا بديلا لأوباما كيرمما قد يجعل بعض الأعضاء الجمهوريين يتمكنون من الإنشقاق عن رأي الأغلبية وتكون هذه أول هزيمة للرئيس الجديد. وفعلا أعلن ثلاثة منهم نواياهم تلك, ما لم تكن هناك خطة بديلة تحمي الفقراء ومتوسطي الدخل الذين كانت تشملهم أوباما كير. الرئيس أوباما وصف غاضبا ما يحدث, بقوله: ليس من المنطق أن تهدم المنزل قبل أن يكون لديك خطة لبناء جديد. رد عليه المتحدث باسم مجلس النواب بول راين بعدها مباشرة في يوم الخميس الخامس من يناير أن الحزب الجمهوري سيقدم خطة بديلة لأوباما كير خلال2017, وأن الحزب سيوافق علي إلغائها بسرعة أولا وبدون تقديم الخطة البديلة. من الواضح أن هناك نية لدي الرئيس المنتخب وحزبه من إلغاء كل مأ أتت به إدارة الرئيس أوباما, من تشريعات ومشروعات, وكأنهم يريدون شطبه من التاريخ عن تعمد وقصد, وأن فترة رئاسته, كأول رئيس أسود, لم تكن إلا خطأ تاريخيا في أمريكا البيضاء, ولابد من مسحه بأستيكة وضمان عدم تكراره.