ينبئني شتاء هذا العام.. أنني أموت وحدي.. ذات شتاء مثله, ذات شتاء.. ينبئني هذا المساء أنني أموت وحدي.. ذات مساء مثله ذات مساء.. وأن أعوامي التي مضت كانت هباء.. وأنني أقيم في العراء.. ينبئني شتاء هذا العام أن داخلي مرتجف بردا.. وأن قلبي ميت منذ الخريف.. قد ذوي حين ذوت.. أولي أوراق الشجر.. نعم لقد صدقت نبوءتك وها هو شتاء بعد شتاء يأتي علينا من دونك.. فهل تري ألفت الغياب.. وتري أعوامك التي مضت صارت هباء ؟. لا سيدي فأنت نابض فينا ترانيم أشعارك مازالت تطرب أسماع أيامنا وتنثر البهجة علينا.. هذا العام لن تصدق نبوءة غيابك الشتائي ستعود سيدتي مجددا متوجا علي عرش معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورتة ال..48 سيعود صوت صلاح عبد الصبور بعد36 عاما من الغياب ليبعث الدفء في قلوبنا في أمسيات شتاء قارص أنت في سمائها علي مدار15 يوما هي عمر فاعليات المعرض نجمها الأوحد. صلاح عبد الصبور هو أحد أبرز رواد حركة الشعر الحر العربي ورمز من رموز الحداثة المتأثرة بالفكر الغربي, كما يعد واحدا من الشعراء العرب القلائل الذين تركوا بصمة بارزة في التأليف المسرحي, وفي التنظير للشعر الحر وقد تأثر كثيرا بشعر الصعاليك وشعراء الحكمة العرب, وحملت كلماته أطياف وأفكار أعلام الصوفية كالحلاج وبشر الحافي اللذين استخدمهما كأقنعة لأفكاره وتصوراته كما استفاد من منجزات الشعر الرمزي الفرنسي والألماني( عند بودلير وريلكه) والشعر الفلسفي الإنجليزي( عند جون دون وييتس وكيتس وت. س. إليوت بصفة خاصة). ولم يفوت عبد الصبور فرصة وجوده بالهند مستشارا ثقافيا فنهل من كنوز الفلسفات والثقافات المتعددة وتأثر بكتابات كافكا السوداوية فصاغ الشعر باقتدار سبيكة نادرة تحمل عبق موهبته ورؤيته وخبراته الذاتية وبهذه الصياغة اكتمل نضجه وتصوره للبناء الشعري. تخرج عبد الصبور عام1951 في كلية الآداب جامعة القاهرة قسم اللغة العربية وفيها تتلمذ علي يد الشيخ أمين الخولي وعمل فترة بالتدريس والصحافة ووزارة الثقافة وآخر منصب تقلده رئاسة الهيئة المصرية العامة للكتاب وساهم في تأسيس مجلة فصول للنقد الأدبي ويعد من المؤثرين في كل التيارات الشعرية العربية الحداثية. وفي ليالي الشباب الوحدة كان عبد الصبور يهرب إلي مقهي الطلبة بالزقازيق وهناك التقي عبد الحليم حافظ الذي وكان وقتها يجلس بصحبة الشاعر مرسي جميل عزيز وحلا بينهم الحديث فطلب عبد الحليم منه كتابة أغنية له يتقدم بها للإذاعة وأخبره أن صديقه الموسيقار كمال الطويل سوف يلحنها.. فكتب له عبد الصبور قصيدة( لقاء) وسجلها عبد الحليم وفي عام1953 أذاعتها الإذاعة فأحدثت قبولا كبيرا لدي محبي الغناء ومهدت الطريق لنجاح وشهرة العندليب الأسمر. بعدها ودع صلاح عبد الصبور الشعر التقليدي ليبدأ طريقا جديدا تحمل فيه القصيدة بصمته الخاصة, فزرع الألغام في غابة الشعر التقليدي حتي صار فارسا في مضمار الشعر الحديث. بدأ ينشر أشعاره في الصحف واستفاضت شهرته بعد نشره قصيدته شنق زهران خاصة بعد صدور ديوانه الأول الناس في بلادي إذ كرسه بين رواد الشعر الحر مع نازك الملائكة وبدر شاكر السياب وسرعان ما وظف صلاح عبد الصبور هذا النمط الشعري الجديد في المسرح فأعاد الروح وبقوة للمسرح الشعري الذي خبا وهجه في العالم العربي منذ وفاة أحمد شوقي. يقول الكاتب الكبير عباس محمود العقاد: لا أحب الكتب لأنني زاهد في الحياة, ولكنني أحب الكتب لأن حياة واحدة لا تكفيني.