لم يكن أشد المتشائمين تجاه ما يحدث في الأراضي السورية خاصة في مدينة حلب يتخيل أن تصل الأمور إلي ما وصلت إليه الآن, فقد تم تدمير حلب تدميرا شبه كامل وتحولت إلي مدينة للأشباح وأصبحت مشاهد الأطفال تحت الأنقاض والأطفال المشردين الذين يبحثون عن مأوي مشاهد طبيعية بل ومألوفة, خاصة لعدد من القادة والمسئولين العرب الذين حولوا الصراع في سوريا إلي حرب بالوكالة بدلا من البحث عن مصالح الشعب السوري والذي أصبح يحتل ذيل القائمة في أولويات سياسات بعض الدول العربية, والتي حرصت وبشكل كامل علي السعي لخدمة أهدافها الخاصة بأي ثمن حتي لو كان ذلك الثمن هو دماء الشعب السوري وتدمير الدولة بالكامل. وأعتقد أن الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الإثنين الماضي لم يأت بأي جديد علي أي صعيد تجاه الأزمة السورية سواء ما يتعلق بالدور العربي أو الدور الدولي, حيث إن العرب لم يكن لديهم دور حقيقي وفعال حيال ما يحدث في سوريا بعد أن تسببت الصراعات والتفكك في العالم العربي إلي ضياع سوريا وتحولها إلي قضية دولية يسعي العرب إلي مجرد التمثيل المشرف في أحداثها, سواء ما يرتبط منها بالمفاوضات الدولية بشأن التوصل إلي حلول للأزمة أو مساعدة اللاجئين السوريين وفقد السوريون أي أمل في دور عربي حقيقي أو ملموس للوصول إلي حل لمأساتهم ليس في حلب فقط بل في باقي أنحاء سوريا. والمؤكد أن مواقف الدول العربية تجاه ما يحدث في سوريا أو حلب لا يوجد بها أي تنسيق أو اتفاق, بل ان معظمها يفتقر إلي الرؤية الواضحة تجاه ما يدور علي الأرض, ويسعي البعض الآخر إلي خلق مزيد من التوتر وإشعال نار الفتنة واستمرار الحرب بين السوريين أنفسهم ممثلين في المعارضة وبين جيش بشار الأسد المدعوم من روسيا وإيران, واختفي تماما أي تواجد عربي يسعي للحل السلمي للأزمة باستثناء ما تقوم به مصر مع بعض القوي الدولية والإقليمية لمحاولة دفع جهود الحل إلي الأمام وهو ما لم يلق قبولا لدي بعض العواصم العربية والتي بدأت في شن حرب دبلوماسية علي مصر بدلا من محاولة التوصل إلي حل حقيقي لمأساة أهالي حلب. والمثير في أزمة حلب ما نسمعه عن اجتماعات مستمرة لمجلس الأمن الدولي والقوي المسيطرة علي الأرض في سوريا خاصة روسيا وإيران مع تركيا, حيث عقد اجتماع الإثنين الماضي بين وزراء دفاع الدول الثلاث للبحث في حل للأزمة الإنسانية في حلب وكيفية التعامل مع المدنيين المحاصرين والأطفال الذين يبحثون عن مأوي في ظل تراجع واضح لمواقف المجتمع الدولي من تلك الأزمة الإنسانية في حلب رغم ما تنشره وسائل الإعلام يوميا من صور لمآس إنسانية لأطفال وسيدات ورجال بلا مأوي وسط أطلال وأنقاض منازلهم التي دمرها القصف المستمر من قبل الجيش السوري والقوات الروسية معا. ولا أعرف متي يمكن أن يكون هناك دور حقيقي وفعال للأمم المتحدة في مواجهة الأزمات الإنسانية في العالم إذا لم تتحرك لإنقاذ أطفال سوريا ونسائها من التشرد والعيش تحت قصف المدافع والصواريخ في حلب التي تحولت إلي أنقاض ومدينة تسكنها الأشباح, وباتت برهانا واضحا علي عجز العالم وعدم إنسانيته في التعامل معها بل إنها أصبحت شاهدا علي ضياع هيبة الأممالمتحدة واختفاء دورها تماما وتأكيدا واضحا لسعي الدول الكبري لتحقيق مصالحها وتصفية حساباتها علي الأراضي السورية وليذهب الشعب السوري للجحيم.