لم تجد عليها الحياة إلا بعشر سنوات, عاشتها دون مطمع أو إدراك إلا لكونها تصلي من أجل الرب, إذ كانت تمسك بيد أمها في قداس الأحد, لم تدرك حينها أن الغدر يراقبها.. ماجي مؤمن أغمضت جفونها شظايا الإرهاب الغادر التي نالت من رأسها في حادث تفجير الكنيسة البطرسية, ما بين الحياة والموت, ورغم أنها كانت ترقد في غيبوبة بالعناية المركزة بمستشفي الجلاء العسكري, فإن لمحات الأمل في البقاء كانت صوب أعين أسرتها, لتعلن ماجي تمردها أخيرا علي الحياة مودعة دنيانا حتي تزيد من أوجاع مصر كلها بفقدان شهيدة أخري ترفع من عدد ضحايا الوطن إلي27 شهيدا بعد9 أيام من الحادث الأليم الذي أدمي قلوب كل المصريين. شيعت جنازة ماجي التلميذة بالصف الرابع الابتدائي بمدرسة كلية رمسيس للبنات التي كانت مصابة بشظية في المخ وتهتك في الرئة, الليلة الماضية من الكنيسة البطرسية بالعباسية بالورود والزغاريد, في جنازة مهيبة اختلط فيها صوت النحيب بزغاريد الشهادة, واكتست حوائط الكنيسة بصور الطفلة في أثناء أدائها الترانيم أو مشاركتها بالمسرحيات الكنسية التي كانت تحرص علي تمثيلها. الكنيسة البطرسية حولت قاعة أفراحها التذكارية إلي كنيسة صغيرة تودع فيها جثامين شهداء الانفجار الغادر, حيث لم تتسع القاعة الصغيرة لتضم كل أحباء ماجي وعلقت الكنيسة صورها حين لعبت دور الملاك في المسرحيات الكنسية, وكانت الكنيسة تتوجها بتاج الملائكة وتضع لها جناحين قبل أن يخطفها الموت بعيدا. علي جانبي الكنيسة اصطف تلاميذ مدرسة كلية رمسيس بحقائبهم المدرسية وأزيائهم الرياضية يودعون زميلتهم في مشهد مهيب أكبر من ذاكرة التلاميذ الصغار, واصطفت الكشافة الكنسية علي الجانبين تتدرب علي عزف لحن النهاية, تقرع الطبول وتضرب الدفوف في وداع الشهداء من الأرض للسماء. وجهزت الكنيسة موضعا لجسد ماجي الطاهر محفوفا بالورود ويعلوه الصليب, بينما تصلب أمها وهي تودع في التراب كامل أمومتها.