حادثة إرهابية تلو الأخري تحصد أرواح الأبرياء لا تفرق بين مصري وآخر.. فما بين تفجير بالقرب من مسجد وآخر بداخل كنيسة وما بين سقوط شهداء من أبناء الوطن هنا وهناك في الكمائن الشرطية والعسكرية.. تقف القوانين الجنائية عاجزة عن تحقيق العدالة الناجزة والقصاص العاجل لأرواح شهداء الوطن علي حد السواء.. وبالرغم من مطالبات الشعب المصري منذ أمد بعيد بتحويل جميع قضايا الإرهاب بلا أي استثناء أو تمييز إلي القضاء العسكري لما يتسم به هذا القضاء من سرعة إجراءات التقاضي, وسرعة إصدار الأحكام وتنفيذها أيضا عكسه في ذلك عكس القضاء المدني الذي يمنح الإرهابي الحق في كافة اجراءات التقاضي شأنه شأن أي مجرم جنائي مما يهدر حقوق الشهداء وذويهم المكلومين.. إلا أن هناك دائما من يجهض هذه المطالبات بحجج واهية بأن محاكمة المدنيين وإن كانوا إرهابيين أمام القضاء العسكري تمثل انتهاكا للدستور ولحقوق الإنسان.. الأمر الذي يثير ريبة كل مصري وحفيظته أيضا ضد كل من يرددون هذه الأباطيل الخبيثة. فأي حق للإنسان أكبر من حقه في حياة آمنة مطمئنة يأمن فيها علي عرضه وماله ودمه من اعتداءات إرهابية غادرة.. وأي حق يدافع عنه هؤلاء لإرهابي مجرم يعيث في الأرض فسادا.. وأي انتهاك أكبر من انتهاك حرمة الوطن التي تستباح مع كل نقطة دم تستباح من أبنائه.. إن الدستور ليس كتابا مقدسا وليس منزلا من السماء حتي يزعم نواب البرلمان بأن تعديله أمرا غير جائز ومن ثم لا يمكن محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري كما ينص هذا الدستور الجائر. انتظرنا طويلا كي يشرع لنا هذا البرلمان قوانين تشفي صدورنا من كل إرهابي أهدر دماء أبنائنا غدرا وهدد أمن وطننا ولم يناقش هذا البرلمان أية قوانين من شأنها تحقيق العدالة الناجزة المنشودة حتي وقعت تلك العملية الإرهابية الدنيئة بالكنيسة البطرسية بالعباسية وراح ضحيتها شهداء من سيدات وأطفال مصر الأبرار ليتمخض البرلمان فيلد لنا مسخا.. ويناقش مجرد مناقشة إحالة قضايا الاعتداءات علي دور العبادة فقط للقضاء العسكري وبعد أن هدد مائة عضو برلماني باستقالة جماعية إن تم محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية.. فأي هراء هذا الذي يمارسه البرلمان مع الدولة ومع الشعب الذي من المفترض أنه اختاره ليمثله لا ليمثل عليه أدوارا هزلية كتلك التي يخرج علينا بها يوما بعد يوم.. وماذا عن التفجيرات التي تحدث في الأكمنة وفي الشوارع وفي أي مكان آخر بخلاف دور العبادة والمنشآت العسكرية.. وماذا لو فجر إرهابي دار عبادة خالية هل يحاكم محاكمة عسكرية في الوقت الذي يحاكم فيه إرهابي آخر مدنيا وإن قتل أبرياء لأنه نفذ عمليته في الشارع مثلا. عفوا يا حضرات النواب فهذا الهراء لم يعد مقبولا كما هو أداءكم علي وجه العموم.. سئمنا من مهاتراتكم.. وفاض بنا الكيل من مناقشاتكم الهزيلة التي لا تليق بوطن يخوض حرب وجود, ولا تليق بشعب ينزف وجعا علي شهدائه في الوقت الذي تحمون فيه الإرهابي بصمتكم علي دستور معيب وقوانين بالية تهدر حقوق الوطن وشهدائه في الوقت الذي تمنح فيه الإرهابيين حقوقا لا يستحقها أمثالهم. عفوا أيها النواب فبرلمانكم هذا لم يعد يمثل الشعب الذي خذلتموه.. فإما أن تحيلوا جميع قضايا الإرهاب بلا استثناء أو تمييز للمحاكم العسكرية,وإما أن تسقطوا هذا الدستور المعيب, أو ترحلوا جميعا غير مأسوف عليكم ويسقط برلمانكم الذي أصبح حجر عثرة في طريق أمن الوطن.