رغم نجاح نظام الخصخصة وتطبيقه في جميع دول العالم الا ان برنامج خصخصة شركات قطاع الاعمال العام في مصر حامت حوله العديد من التساؤلات خلال السنوات الماضية منذ إطلاقه عام1993 وحتي الان خاصة وان هناك نسبة تصل الي نحو80% من عقود الشركات تحوم حولها الشبهات في ظل الفساد السائد التي تم فيه بيع هذه الشركات والبلغ عددها نحو98 شركة تم بيعها بنحو34.5 مليار جنيه بالرغم من ان قيمتها الفعلية تصل الي حوالي680 مليار جنيه, فما مصير تلك الشركات التي تمت خصخصتها؟ وهل يمكن للدولة استرجاعها مرة آخري؟ وما هي أنسب الوسائل التي يمكن استردادها من خلالها؟ وفيما يتعلق بهذه التساؤلات اكد خبراء الاقتصاد ضرورة اعادة النظر في برنامج الخصخصة المتبع في مصر والذي أضعف البرنامج في حد ذاته ومنعه عن القيام بدوره الفعال والذي يستهدف تحقيق قيمة مضافة للاقتصاد القومي للدولة المتبعة لهذا النظام بحيث يتم الاستغناء عن الشركات التي تحقق خسائر مالية وبيعها للمستثمرين لاعادة هيكلتها واعادة تشغيلها بكامل طاقتها لكي تحقق معدل ربح يضيف للاقتصاد, ولكن هذا النمط لم يحدث في مصر فتم بيع العديد من شركات القطاع العام لتحقيق مصالح شخصية لبعض المسئولين في ظل النظام السابق.وأضاف الخبراء ان هناك شركات قطاع اعمال كانت تحقق ارباحا فتم العمل علي هزة صقلها بالسوق لكي تحقق خسائر ويتم بيعها بأبخس الأسعار. واشار الخبراء الي ضرورة العمل علي استرداد هذه الشركات مرة اخري من خلال مراجعة كافة العقود التي تم من خلالها بيع هذه الشركات وفي حالة ثبوت بطلان العقد فعلي الدولة استرجاع هذه الشركات فورا واعادة هيكلتها لزيادة معدلات التشغيل والانتاجية, وحذر الخبراء من عمليات التأميم لهذه الشركات خاصة وان هذا النظام لم يعد معمولا به في الدول العالمية, كما انه يفقد المصداقية في السوق المصرية ويؤدي لعزوف المستثمرين عن الاستثمار في مصر, ولكن استرداد الشركات وفقا للقانون يعزز وضع مصر ويعمل علي دعم الاسواق المحلية. وقال الدكتور صلاح جودة استاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الازهر ان شركات قطاع الاعمال العام التي تمت خصخصتها بلغت نحو98 شركة تم بيعها باجمالي مبلغ وصل الي نحو34.5 مليار جنيه بالرغم من ان قيمتها تصل الي نحو680 مليار جنيه, مشيرا الي ان أول شركة تمت خصخصتها هي شركة كوكاكولا للمياه الغازية عام1993 في عهد وزير اعمال القطاع العام عاطف صدقي وكانت أخر شركة تمت خصخصتها هي شركة المعدات التليفونية في عهد الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار السابق في ابريل2010, موضحا ان فروق الاسعار بين القيمة التي تم البيع بها والقيمة الفعلية للشركات المخصخصة جاءت نتيجة طبيعية لفاتورة الفساد في ظل وزراء قطاع الاعمال بدءا من الدكتورعاطف صدقي ومرورا بالدكتور عاطف عبيد والدكتور مختار خطاب واخيرا الدكتور محمود محيي الدين. وأشار جودة الي انه يمكن استرجاع هذه الشركات بطريقتين وهما ان يتم الاسترداد وفقا للاطر القانونية من خلال مراجعة جميع العقود الخاصة بهذه الشركات وفي حالة ثبوت بطلان اي عقد لاي شركة من هذه الشركة تتم اعادة ملكيتها للدولة وهو الامر المتبع في دول العالم, مشيرا الي انه وفقا للقانون التجاري الدولي من حق الدولة استعادة ملكيتها للشركات التي تم بيعها عن طريق الغش والتدليس مؤكدا ضرورة تعويض اصحابها ومعاقبة المسئولين الذي قاموا بتسهيل الاستحواذ علي تلك الشركات. وأضاف جودة ان هناك بعض الشركات التي تمت خصخصتها قامت بطرح جزء من اسهمها في السوق والتي يمكن للدولة شراء هذه الاسهم وبالتالي تكون الدولة استعادت هذه الشركات وفي الوقت ذاته قامت بدعمها ودعم البورصة المصرية من ناحية آخري, مشيرا الي انه من خلال القيام بهذه الاجراءات تستطيع مصر استعادة هذه الشركات واعادة هيكلتها لتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد القومي. وحذر من فكرة تأميم هذه الشركات علي غرار ما قامت به مصر في الخمسينيات خاصة وان هذا النظام لم يعد معترفا به في القوانين العالمية, مشيرا الي ان القيام بهذه العملية يفقد مصر مصداقتيها ويعمل علي ترهيب المستثمرين من الاستثمار في مصر خوفا من قيامها بتأميم اعمالهم فيما بعد. وأكد الدكتور شفيق عاشور أستاذ علم الاجتماع الاقتصادي بكلية الاداب جامعة طنطا ضرورة إعادة النظر في برنامج الخصخصة بأكمله بدءا من مراجعة كافة العقود التي تم ابرامها في ضوء خصخصة الشركات, مشيرا الي انه يشوب علي الاقل نحو80% من هذه العقود حالات فساد اداري ومالي تصل الي حد بطلانها خاصة ان معظم الشركات التي تم بيعها يغلب عليها أشكال الفساد المتمثلة في التقييم غير العادل لاصول هذه الشركات و التي لا تتناسب مع قيمتها السوقية والاقتصادية, فضلا عن انه تم البيع في عجالة وهو الامر الذي أضر بأصول هذه الشركات والتي تم بيعها في ظروف غير ملائمة للسوق والتي تمت لمصلحة بعض الاشخاص في ظل المسئولين الذين يعتبرون جزءا من النظام السابق وعلي رأسهم الدكتور عاطف عبيد وخاصة قطاع الاسمنت والذي تم بيع الشركات فيه علي الرغم من تحقيقها لارباح سنوية وهو الامر الذي أثر بالسلب علي سوق الاسمنت في مصر خلال السنوات الماضية وتفشي ظاهرة الاحتكار وارتفاع الاسعار بالرغم من انخفاض قيمة التكلفة الفعلية للمنتج النهائي. وأوضح عاشور ان هناك شركات كانت تحقق ارباحا بشكل سنوي فكيف يعقل ان يتم بيع هذه الشركات والتي كانت تحقق قيمة مضافة للاقتصاد القومي ولكن بعد بيعها تمت تصفية العديد من تلك الشركات وبيع الاصول الخاصة بها بمبالغ خيالية فعلي سبيل المثال يمكن ان تكون هناك شركة قيمتها الفعلية100 مليون جنيه ويتم بيعها بمبلغ5 ملايين جنيه وبعد ذلك نجد المشتري يبيعها مرة آخري بسعر70 مليون جنيه فهذا دليل قاطع علي تفشي عملية الفساد في برنامج خصخصة الشركات في مصر, مشيرا الي انه لابد من استرداد هذه الشركات سواء الشركات الخاسرة والعمل علي اعادة هيكلتها أو من خلال استرداد الاصول الخاصة بالشركات التي تمت تصفيتها.