مشكلتنا في مصر إعلامنا, ذلك الإعلام الذي يسيطر عليه مجموعة من الذين انسلخوا منذ زمن عن مهنة القلم, ولا يهمهم سوي تنمية أموالهم علي حساب الجمهور الذي شوشوا معلوماته, وحولوه إلي إناء أجوف يصبون فيه هرائهم. صوروا للناس أن نجاح ترامب هو طوق النجاة, وأنه مكسب كبير لمصر وللعرب, و علي يديه سيتم القضاء علي أعداء مصر, ولذلك لم يكن غريبا أن يهللوا ويصفقوا لنجاح ترامب,ويهللون لهزيمة كلينتون. وصدقهم الناس وراحوا يمنون النفس بحقبة ترامبية جديدة يمد خلالها ساكن البيت الأبيض حبال الود معنا, يضللون الشعب وهم يعرفون أن ترامب أو هيلاري أو أوباما, أوي أيا من يجلس في البيت الأبيض, ما هم إلا وجوه لعملة واحدة. هم في أمريكا ليسوا كما نحن هنا بلا استراتيجية أو هدف, هم يسيرون علي طريق واحد للوصول إلي هدف واحد, حتي ولو تعددت الوسائل, وهم يعرفون جيدا من عدوهم ومن صديقهم, نحن عدوهم الأول, وحليفتهم الوحيدة في المنطقة هي إسرائيل, وما نحن كعرب من وجهة نظرهم سوي حراس لسلامة وأمن الصهاينة, وهم وراء كل نكسة أو كارثة تنزل بنا وللأسف ليست هذه معلومة جديدة, ولكن الهرتلة الإعلامية التي يروج لها هراتلةإعلامنا, يحجبها عن الشعب إلقوا نظرة علي خطاب أوباما الأخير تكتشفون تلك الحقيقة: عندما تقلدت منصبي كانت قوي الشر مستمرة في محاولاتها النيل من أمريكا, و نجحنا في الخروج من العراق, ولكننا أبقينا علي وجود لنا فيه, وجعلناه قسمة بين ميليشيات شيعية تقمع السنة, وتأخذه بعيدا عن محيطه العربي. ينبغي ألا ننسي أن العهدين القديم والجديد حدثانا عن خطر العراق, وعن عقوبة الرب لطغاة ذلك البلد, وقد بدأ من كان قبلي في تحريرها, وأكملت المهمة حتي لا تتكرر جرائم وحشية كالأسر البابلي لليهود. كما عملت إدارتي علي تطوير برنامج الطائرات من دون طيار للقضاء علي مرتكبي التطرف في باكستان واليمن والصومال وسوريا, فجري التخلص من5000 مسلم إرهابي. هذا البرنامج المتسق مع مذهبنا في شن الحروب الاستباقية ضروري لحماية المجمع الصناعي-العسكري الأمريكي, وترسيخ ثقافة القوة التي يؤمن بها مجتمعنا. و أكبر إنجازات إدارتي هي وأد الربيع العربي, فأنتم تعلمون أن الثورات التي نشبت في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عام2011 هددت أمن صديقتنا, إسرائيل, التي نعد بقاءها في ذلك الجزء من العالم مرتبطا ببقاء هويتنا نحن. ولهذا, نظرت أمريكا إلي تلك الثورات بصفتها خطرا كامنا لا بد من إجهاضه. وقد نجحنا بالتعاون مع حلفائنا في تحويل ليبيا إلي دولة فاشلة, وقضينا علي ما يسمي المولود الديموقراطي في مصر, وسمحنا لحلفائنا الشيعة باستباحة سوريا وإغراقها بالدم, فلا مصلحة لنا من انتصار ثورة تهدد الشعب اليهودي, وتعزز نفوذ الإسلام المتشدد. وكان لا بد أن تصطدم إدارتي, وهي تسعي إلي رسم مشرق جديد, بالحليف السعودي القديم. لقد قدرنا أن الوقت قد حان لكشف خطورة النسخة الوهابية من الإسلام والمسئولة عن التطرف من شبه الجزيرة العربية إلي جنوب شرق آسيا. في الحقيقة ليست الوهابية هي المشكلة ولكن الحقيقة هي أن الإسلام ذاته هو المشكلة وأي فرار من ذلك إلي الحديث عن إساءة فهمه لن يقودنا إلي شيء. إن علي المسلمين أنفسهم أن يعيدوا النظر في نصوص دينهم, وإلي أن ينفذ المسلمون هذه المراجعة, فعليهم التأقلم مع الدكتاتوريات التي تحكمهم, إذ هي أفضل خيار للحد من خطرهم الكوني... هل فهمتم.. أفيقوا قبل فوات الأوان.