قطعاً لا أحد يستطيع أن يتوقع الفائز في انتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة أو حتي من سيكون مرشح الحزب الجمهوري أو الديمقراطي.. وان كنت أري ان دونالد ترامب "الحزب الجمهوري" سيكون في مواجهة هيلاري كلينتون "الديمقراطي".. لأن هناك إرهاصات ومقدمات ربما تؤدي بنسبة كبيرة إلي هذا الاستنتاج.. وربما يعتلي البليونير الوسيم دونالد ترامب العنصري المتشدد الذي يهاجم المسلمين ويؤكد انه سيمنع دخولهم أمريكا في كل التصريحات والمؤتمرات الانتخابية.. ربما يعتلي عرش البيت الأبيض وبنسبة كبيرة لأنه يجيد الخطاب الانتخابي ويستميل الناخب بدرجة كبيرة ويلعب علي الوتر المساند للوبي اليهودي والمعادي لكل ما هو مسلم وهذا الاتجاه وان كان الجانب الرسمي يرفضه إلا انه يلقي صدي كبيرا في الشارع الانتخابي.. والدليل ان هيلاري كلينتون رفضت التصريحات العنصرية التي يدلي بها ترامب في كل مكان وتبرأ منها أيضاً باراك أوباما ورفضها جملة وتفصيلاً إلا ان ترامب لم يتراجع عنها.. ويتصدر حتي الآن قائمة حزبه ويتفوق علي منافسيه داخل الحزب الجمهوري تيد كروز السيناتور من تكساس وكاسيك حاكم ولاية أوهايو واكتسح الانتخابات التمهيدية في العديد من الولايات المؤثرة والحيوية مثل نيويورك وميريلاند وبنسلفانيا وغيرها من الولايات ذات الكتل التصويتية الكبيرة. *** والمتأمل في المشهد الانتخابي الأمريكي علي مستوي الحزبين الكبيرين الجمهوري والديمقراطي يري ان المنافسة النهائية علي كرسي البيت الأبيض يمكن أن تكون وبدرجة كبيرة بين دونالد ترامب وهيلاري كلينتون وقد يحسمها لصالحه ترامب العنصري.. وربما يتخوف البعض من صعود ترامب ووصوله إلي البيت الأبيض.. وهو يحمل هذا الكم من الكراهية للعرب والمسلمين ويتصور البعض ان صعوده ربما يقود إلي مزيد من الاشتعال في الشرق الأوسط وربما تكون شرارة الحرب العالمية الثالثة صناعة دونالد ترامبية.. لكن الحقيقة أري ان دونالد ترامب الرئيس الأمريكي لن يكون هو ترامب المؤتمرات الانتخابية والتصريحات النارية فالسياسة الأمريكية لا تتغير بتغيير الرئيس.. لأنها إدارة مؤسسية وهناك مجموعة من الخبراء والاستشاريين في البيت الأبيض والبنتاجون والسي آي إيه.. يرسمون اتجاهات وتوجهات الإدارة الأمريكية التي يسير عليها الرئيس الأمريكي أياً كان حزبه أو توجهه السياسي.. ويوم ان جاء باراك أوباما أول رئيس أسود من أصول افريقية اسلامية وتبوأ مقعد البيت الأبيض.. وجاء إلي جامعة القاهرة وألقي خطبته الشهيرة التي دعمها بالآيات القرآنية والأحاديث وحلو الكلام.. كتبت في ذات الكلام مقالاً تحت عنوان "كلهم بوش" وقلت انه مخطئ ألف مرة من يظن ان باراك أوباما سوف يغير السياسة الأمريكية مزدوجة المعايير الداعمة بكل الإمكانات لحليفتها اسرائيل أو انه يمكن أن يقف بجانب الحق الفلسطيني ضد الظلم الاسرائيلي.. أو انه يمكن أن يساند دول الخليج أو يستعيد الجزر الإماراتية من إيران علي حساب المصالح الأمريكية فكل هذه أوهام يمكن أن تتسلل إلي ذهن أي عربي يستمع إلي خطبة أوباما في أول زيارة للمنطقة بعد تنصيبه رئيساً للولايات المتحدةالأمريكية.. وما قلته في المقال حدث بالحرف الواحد بل كان أوباما أكثر تشدداً نحو القضايا العربية من بوش الأب وبوش الابن اللذين دمرا العراق وزرعا الفتنة والميليشيات المسلحة في المنطقة.. دمرا العراق واستوليا علي نفطها وثرواتها لصالح الحليفة اسرائيل التي تغتال وتستوطن وتتوسع وتهدم في الأقصي وتشرد آلاف الفلسطينيين وتهدم المنازل فوق رءوس قاطنيها.. بينما تمضي أمريكا في تمزيق الدول العربية وتفتيتها باسم الحرية وحقوق الإنسان. *** ولم يكن أكثر المتشائمين يتوقع أن يحدث عشر ما حدث لدول المنطقة من دمار وانهيار وتمزق مثلما حدث في ليبيا وسوريا واليمن في عهد باراك أوباما الذي ظن البعض انه جاء للبيت الأبيض لينهي معاناة العنصرية والمعايير المزدوجة في السياسة الأمريكية.. ويستعيد الحقوق الضائعة.. فخابت كل الظنون.. لأن المصالح الأمريكية هي التي ترسم ملامح سياستها وليس الرئيس الذي يتبوأ مقعد البيت الأبيض وحتي إن جاء العنصري دونالد ترامب إلي سدة الحكم في الولاياتالمتحدة فلن يغير شيئاً في سياسة البيت الأبيض الذي لا ينظر إلا للمصالح الأمريكية.. ولا ينفذ إلا ما يملي عليه من البنتاجون والسي آي إيه.. والعيب فينا نحن العرب وليس في المرشح العنصري دونالد ترامب.