أنا فتاة أقترب من الأربعين, نشأت في أسرة صعيدية رحلت مبكرا إلي الولاياتالمتحدةالأمريكية فوعيت علي الحياة في مجتمع يختلف كثيرا عما تحاول والدتي الحازمة تربيتنا عليه أنا وأخواتي البنات من تقاليد ومبادئ. مرت الأعوام وتزوجت أختاي اللتان تكبرانني زيجات غير مستقرة, بينما لم يتقدم لخطبتي كثيرون لقلة فرص التعارف والزواج في الغربة وأيضا لملامحي الجنوبية التي خلت من أي مسحة جمال, وتوفي والدي في الغربة وعشنا بعده هناك سنوات طويلة تصارعنا قسوة الحياة ونصارعها حتي قررت والدتي التي أصبحت مسنة وتكاثرت عليها الأمراض العودة للاستقرار في مصر, فعدنا يا سيدتي أنا وأمي ثم لحقت بنا أختي الكبري التي تخلي عنها زوجها بعد إصابتها بمرض نفسي تم تشخيصه هناك أنه اضطراب ثنائي القطبين, فوجدتني أعيش علي خدمة أمي التي أصبحت قعيدة وأختي التي تفقد السيطرة علي نفسها وترفض العلاج.. وفي هذه الظروف وجدت من يتقدم لخطبتي: شاب يصغرني بعدة أعوام أعلم تمام العلم أنه لم يجد في ميزة إلا الجنسية الأمريكية التي أحملها طمعا في الهجرة إلي هناك ذات يوم. وللوهلة الأولي كدت أن أرفضه لكنني فجأة وجدتني أفكر بطريقة لم أعهدها في نفسي.. فلماذا لا أتزوجه مهما كانت أهدافه ونواياه؟ ولماذا أحرم نفسي من فرصة قد تكون الأخيرة في الأمومة ؟ وهل ضرر الطلاق إذا حدث سيكون أكبر من ضرر حرماني من الزواج والأمومة؟ فهل ترين أنني مخطئة في هذا التفكير ؟ وبماذا تنصحينني؟ جميلة الجنوب لمست في قصتك معاناة لم تسهبي في سردها فيما يخص ظروف حياتك الشخصية ورؤيتك لنفسك ولواقعك وعلاقتك بوالدتك وأختك في الماضي والآن, لا شك أنك عانيتي الكثير في الغربة والتكيف بين تقاليدك الصعيدية وملامحك النوبية في مجتمع مازال يضع معايير عنصرية للجمال, لكن المدهش يا جميلتي أنك اعتنقتي تلك الآراء وسمحتي لنفسك بحجب رؤية جمالك عن عينيكي, ويا لها من جريمة في حق نفسك فلا توجد امرأة علي وجه الأرض لا تملك مسحة من جمال جسدي أو روحي إلا بإرادتها, فالأنوثة في حد ذاتها جمال, والقدرة علي تبادل المشاعر جمال, وحسابات الجمال الجسدي شديدة النسبية, وربما يكون انجذاب صديقك لنحافتك لأنه يفضل النحيفات, أو لامتلاء جسدك وهو يفضل الممتلئات. لا شك أن من حقك أن تلحقي بقطار الزواج والأمومة إذا كانت هذه رغبتك الأصيلة وحتي لا تندمي علي عدم اتخاذك هذه الخطوة فيما بعد, لكن كيف تحققت من أن الشاب لا يري فيك ميزة إلا جواز سفرك الأمريكاني؟ وإذا كان كذلك فما الذي سيمنعه من تطليقك أو خيانتك مع أخري إذا رغب في شيء مختلف عن جواز السفر؟ هل هناك فرصة عندك لإغوائه بأنك أكثر من مجرد جواز سفر بينما لا ترين في نفسك أكثر من ذلك؟ أغلب الظن أن أي أنثي أخري تثق في نفسها وتمتلئ إحساسا بجمالها وإن كانت أقل حظا منك فيه( في جمالك النوبي) ستغويه قبل أن تتحقق أحلامك من هذه الزيجة. صديقتي ألتمس من كلماتك أنك لم تخوضي تجارب ارتباط أو حب حقيقي قبل تلك التجربة التي تزمعين خوضها, فما هي توقعاتك فيما يخص هذا البند في التعاقد الذي تنتوين إبرامه مع شخص لا ترين فيه سوي انتهازيته وتعتقدين أنه لا يري جمالك وأنوثتك وحسبك ؟ وما رأي والدتك وعائلتك ؟ أعتقد أن ما ترغبين في سؤالي عنه هو إذا كان يحق لك أن تستغلينه مثلما تظنين أنه يريد استغلالك كما لو كنت تسألين عن إمكان حصولك علي حيوان منوي للإخصاب بطريقة شرعية ومقبولة اجتماعيا, وتأملين أيضا في فرصة لتتذوقي الحميمية ولو لحين.. ما يقلقني ليس هو أسئلتك أو توجهاتك بل توقعاتك وقدراتك الواقعية في التعايش مع ما تنتوين, فلو تأكدت أن الرجل انتهازي بالفعل انتبهي إلي أنك عشتي طيلة أربعين عاما حياة بها صعوبات لكنها واضحة ومفهومة وآمنة اجتماعيا في كنف عائلتك التي تتولين الآن مسئولية مرض أفرادها وحدك, فماذا لو زادت هذه الأعباء بطفل تعولينه كمطلقة لو كان الانفصال جزءا من حساباتك ؟. أنصحك بشديد التروي وعرض الأمر علي عائلتك لفحص نوايا الشاب الذي أري أنه لا يعيبه كونه أصغر منك سنا, لكن إذا تأكدت انتهازيته مع رغبتك وإصرارك علي خوض التجربة فلابد أن تضمني لنفسك خروجا آمنا يضمن شيئا من توقعاتك كالإنجاب والحق في تطليق نفسك كما كفل لك الشرع والقانون, وفي كل الأحوال أدعوك لممارسة نشاط يعزز ارتباطك بجسدك ويزيد من إحساسك بأنوثتك!.