في الواقع هي فضفضه اكثر منها أي شئ؛ القضيه هي المشكله الأزليه للخطبة وتبعاتها.. وكيف ان فتاة ذات شأن في المجتمع وفي العائله هوووب يحدث لها شيفت لخمسين سنة للوراء وترجع للخطبه التقليديه التي اقل مايقال عنها انها "مهينه"..المهم لأبدأ من قضيتي حتى لا اطيل عليكم انا فتاه في منتصف سنواتي العشرون تخرجت من الجامعه من تخصص مطلوب وكليه مرموقه وعملت في مؤسسه، ولدي راتبي الخاص وسيارتي الخاصه؛ والحمد لله احافظ على اخلاقي وعلى الحدود التي لا اسمح لنفسي بتجاوزها حتى وانا لدي متسع منها.. وبطبيعة الحال خطبت كثيرا واخر هذه المواضيع من فتره بسيطه؛ عائله سمعت عنَا وعن عائلتنا كل خير؛ فجاءت والده خطيب للمعاينه اقصد التعرف وطبعاً ليس مسموح ان يأتي الخطيب الا بعد موافقه الأم والأخت و في الغالب تكون شروطهن تعجيزيه او لنقل ان ساحة الخيارات مفتوحه بكثره امامهن ولا مشكله لديهن في معاينتنا والخروج ممتعضين والبحث عن خيار لربما يكون افضل من هذا فحتى ان كان الخطيب على مشارف الأربعين لن تتردد أي عائله بإعطائه ابنتهم ذات السادسه عشر ربيعاً الخلاصه ان والدة هذا الشاب بادرت امي في الهاتف بالسؤال عن موعد حضورها وطلبت أو أمرت بخروجي وشقيقتي لرؤيتنا معاً..انتبهوا هنا كيف ضربت بعرض الحائط أي شعور انساني لدي واختي وكيف سنحضر انفسنا ونتهيئ نفسياً انا وهي للتجهيز لذات الخاطب وكيف ستكون شعور أي واحده منا وقد قُبلت احدانا ورفضت الأخرى او رُفضنا معاً مثلاًطبعاً اصررنا ان لن تخرج الا واحده واننا لست بضاعه تنتقى وياليت رفضنا الأمر بالكليه فطالما ان الكرامه غير مصانه مسبقاً فلا داعي لخوض التجربه من الأساس ؛ ولكن طبعاً لأن هذه الطريقه الوحيده تقريباً للزواج في بلادنا فكل الرجال تتبع هذا النهج ونحن كفتيات ملتزمات نمتنع عن انشاء أي علاقه او التلميح لأي شاب اننا نريده او نتمناه زوجاًبدون اطاله جاء الموعد وسبقته تحضيرات من قبلنا من تنظيف البيت وشراء كذا وكذا ونحن نظن ان اكرام الضيوف سيرجع علينا ببعض الذوق من قبلهم ولكن كالعاده كانت قلة الذوق هي سمة عصر الخاطبين ..فبمجرد جلوسي لم تتورع عن تفحصي بوضوح وكأنني سلعه ؛ في الواقع انصدمت بشده من قلة ذوقها فحتى ان كان ولابد من الأمر كان من الممكن ان تخلق حديث معي لتراني حينها وليس ان تتفحصني من فوق لتحت وكأنها تتأكد انني خاليه من العيوب .. الست انسانه أقيم بأخلاقي وثفافتي وعائلتي ام فقط بطولي وشكلي على الرغم اني ولا اقوم بتزكيه نفسي على قدر لا بأس به من الجمال والكثير من الخاطبين قبلها كانوا يتمنوا موافقتي وهذا مما عظم شعوري بالحسرة والألم ؛ وخصوصا اني بعد كل تلك التضحيات خرجت تلك المرأة من دون أي اجابه او اعطاء موعد لمقابله ابنها وكأنني لا أرقى لشرف هذه المهمه.. الشاهد انني كرهت بشده أي مواضيع للخطبه مللت هذا الدور التي كانت جداتنا ترحبن به ..ولكن لسنا نحن وقد دخلنا لسوق العمل والدراسه ونتطلع دوماً لمن يتحدي تفكيرنا ويغرينا بأفكاره ومواقفه وليس بمن يبعث نساء عائلته للفحص ..اشعر ان احلامي بالزوج الصالح والأسره المسلمه التي اخطط لها واخيط احلامي يومياً من اجلها تحطمت على صخور اليأس لأن هذا يتطلب ان ادوس على كرامتي وانزع أي شعور انساني او ان يقد قلبي من حديد مثلا؟ والسؤال الذي يؤلمني كم مره سأتعرض لهذا؟ ومالسبيل للتملص من هذه التقاليد الباليه ومن أين اجد شاب صالح يقوم بالبحث عن زوجته بمفرده ولا يتوارى خلف أراء النساء في انتظار ان يعطينه تصريح الرؤيه ..انا اجزم ان أي من تلك المواضيع ان وصل الأمر لمقابلة الخطيب لن يكون الرفض من الخيارات المتاحه حينها؛ فأنا ادري بنفسي وادري بنفسية اغلب الشباب وما يطلبونه من أي فتاة؛ ولكن حسبي الله ونعم الوكيل في أي أم تكون السبب في ايقاف نصيب أي فتاة بشروطها التعجيزيه واقول لهن رفقا بالقوارير فأنتن نساء عاديات وبناتكن نساء عاديات فلما تحملونا مالاطاقة لنا به؟في النهايه اشكر لكم رحابه صدركم وعذرا على الإطاله وانتظر ارائكم في القضيه. راى اخصائيين الاسرة فى المشكلة أنت من اعتبر أن تلك الوسيلة في الخطبة والزواج مهينة، ومهينة صفة بشعة ولا يقبلها عاقل ولا يقبلها أي صاحب كرامة أو نخوة، فلماذا هي مهينة؟ إذا كانت كما تقولين هي الوسيلة المتبعة في مجتمعك وفي مجتمعات أخرى كثيرة، والإنسان ابن مجتمعه ومن غير الطبيعي أن يطالب بنزع هويته عن نفسه أو كما نقولها في مصر.. يتبرأ منه ويخجل!! لو العرف السائد فاسد فالناس تحتج عليه وترفضه بل وتثور.
ولكن يا ابنتى هذا ليس عرفا فاسدا.. هذه ليست أفضل وسيلة لإختيار شريك أو شريكة الحياة ولكنها في النهاية ليست وسيلة فاسدة.. لماذا؟ لإنه ومنذ الأزل كان من السنة أن تبدأ النساء بالزيارة والإختيار.. وهي تفعل ذلك لإنها طرف مهم جدا في الزيجة.. نعم.. وهذا ما ترفضونه أنتن حاليا ومنذ فترة زمنية لا بأس بها واكبت الخروج الغير مشروط للنساء في الطرقات للعمل وخلافه. وهذا الرفض لأم الزوج المستقبلى يؤدي إلى مشاكل لا حصر لها ولا عدد مع الحموات بعد الزواج، حتى لو قام الزواج بعد قصة حب "خزعبلية" من عينة "قيس وليلى".
الأم ياابنتى ستظل أمه، ولن أقول حبها أو رضاها، مجرد قبولها للكنة الجديدة يختصر مشوار طويل من الصراع، وقدرة العروس الجديدة على كسب محبتها واحترامها يسد مداخل كثيرة للعكننة الحيايتة اليومية. إذن.. الزيارة النسائية لعمل اختيار مبدئي للعروس المرشحة ليس عجبا، ولا مهينا، ولا سيئا، بالعكس يسمح للملتزمات بإبراز ما يخفى من جمال وفطنة وخفة دم وأنوثة ودلال. ولا تتصوري أن الرجل الصالح لا يبحث عن الأنوثة والدلال والجمال وهو ما لن يستطيع أن يراه أو يتعرف عليه من إنسانة ملتزمة بحدود الشرع، فلا تخضع بالقول ولا تدعج بالنظرة..!
ثم إن عودة الخاطبة فى عصر الإنترنت وضع فرض نفسه وفرضته ظروف المجتمعات الجديدة.. ولم يأتى قسرا من الخاطبة سواء كانت محترفة مدفوعة الأجر، أو متطوعة بالخير أو أم أو أخت، بل أفرز الفكرة المجتمع الحديث المفتوح.. لماذا؟ لماذا رغم تواجد البنات فى كل مكان، جامعات معاهد مكاتب بنوك... إلخ.. يتخفى الرجل – واسمحى لى بإستخدام تعبيرك الذى لا أوافق عليه- وراء النساء في الإختيار؟ أولا هو لا يتخفى.. هو خائف من كثرة المغشوش الذي لا يقوى شخصيا على فرزه.. لا هو ولا غيره. فهذا الخروج المفتوح المنطلق للبنات جعل الحابل على النابل.. وعمم الصفات السيئة الخادعة على الجميع. ولا ننكر يا ابنتي أنه حاليا ينخدع شباب كثر في بنات تبدو عليها سمات الطيبة والتقوى ثم يكتشف بعد الزواج أنه لم يكن أول من دخل القلعة واستكشف دروبها .. وأنها ليست قلعة بل نزل ضيافة!! فظهرت الخاطبة بل وتزداد انتشارا مع ازدياد الإنفتاح المجتمعى .. إنه الخوف الذي أتمنى أن يستمر على العرض والشرف والنسل فى مجتمعاتنا العربية حتى لا نصل الى حدود المجتمع الغربى الذى لا يجد في ذلك غضاضة. اذن لتبدأ الأمهات أو النساء بوجه عام ممن يثق بهن بإستكشاف الأسرة والبيت وبناته، والنساء أدرى ببعضهن البعض.. وأكثر قدرة على سبر أغوار بعضهن البعض.. ولا ينخدعن بسهولة بالمظاهر بل لهن نظرة ورؤية.
هل أقنعتك أن البداية حين تكون بزيارة أم أو أخت ليست مهينة؟ أتمنى. أما هذه السيدة وتصرفها فهو ليس علما على كل الزيارات، تصرفها هو المهين، دعوتها لدخول اختين للإختيار بينهما هو السخيف، وبصراحة كان قبولكم لذلك غير مبرر، وإذا كانت فعلا الفكرة أنها تتمنى نسب هذا البيت وبما أن ابنها لا يعرف فيه أحد فهى التى ستفاضل بين الأختين، فهذه معلومات لاينبغى أن نقولها للطرف الآخر – طرف العروس، ومن حق كل إنسان أن يحصل على الأفضل، وأحيانا تبدأ الأسرة بالبنت الأكبر أو صاحبة الحظ الأقل من جمال.. أو.. أو... من باب اتاحة فرص أكثر لها؛ لإن الثانية فرصتها مضمونة لجمالها أو لغيره. وبالتالى تفكر أم الشاب أنها لن ترشح إلا اذا تأكدت أن كلتا الأختين لا تختلفان كثيرا. بالعربي المسألة تكون أحيانا كيد نسا في بعضه.
الأفضل في هذا الوضع أن يكون اللقاء وكأنه لقاء عائلى مفتوح يحضر فيه جميع نساء الأسرة.. وعموما يا ابنتى نحن نسمع منك أنت ومن تصورك وتكييفك للقاء ولم نسمع ماذا قالت المرأة تحديدا. إنما على كل حال.. ليس منطقيا إذا كانت امرأة سخيفة أو بعيدة عن قواعد اللطف واللياقة.. أن نسحب صفاتها على وسيلة قديمة جديدة لإختيار شريكة الحياة.. فلا فيها إهانة، ولا فيها تجاهل لقدراتك العلمية والشخصية. ببساطة شديدة أصبح خوف يقترب من الرعب من اختلاط الحابل بالنابل في هذه المجتمعات المفتوحة التى صارت نسائها تسافر وتعمل وتدخل وتخرج من كل مكان وأي مكان.. للعمل أوالدراسة أو حتى اللقاءات الإجتماعية. طبعا كثيرات فوق مستوى الشبهات، بل وتتشرف بهن ليس فقط أسرهن بل المجتمع بأكمله، ولكن دائما الفاكهة المعطوبة توحى أن القفص كله مغشوش.
وبما أنها كانت منك فضفضة.. فهي مني أيضا حديث أم لإبنتها، أتمنى أن أعرف أين وقع كلامي من نفسك وناقشيني إذا شئت، فأنا أتعلم دائما من آراء الآخرين ورؤياهم.