وكأنه قد كتب علي نقابة الموسيقيين أن تعيش دوما فوق فوهة بركان,وأن تظل أرضا صالحة للنزاعات,ومرتعا خصب للخلافات,ومجالا رحبا للمهاترات وإثارة الزوابع وافتعال المشكلات, لا تعرف للهدوء طريقا,ولا للاستقرار سبيلا, فمنذ تأسيسها كنقابة عمالية عام1924والتنافس المحموم علي قيادة دفتها بلغ مبلغه بين القطبين الكبيرين عبدالوهاب وأم كلثوم التي فازت لسبع دورات بالمنصب حتي ثورة يوليو1952 حينما تم الاطاحة بها بدعوي أنها من مكونات ونسيج النظام الملكي,ولم يخرج المهموز عن منافس لكوكب الشرق ليتسلم عبدالوهاب النقابة بعد تحويلها مستقلة, وفي1958يصدر عبدالناصر قرارا بحل جميع النقابات وإعادة تشكيلها من جديد غير أن نقابة الموسيقيين يتم تجميد نشاطها لمدة عشرين عاما إلي أن ينجح صلاح عرام في استصدار قرار من مجلس الشعب برئاسة المهندس سيد مرعي بإعادة الحياة للنقابة وتحويلها إلي مهنية ليتولي مسئوليتها أحمد فؤاد حسن حتي رحيله في1993, ولم تخل الفترة من مشاكل وصراعات مع صلاح عرام الذي قاد سفينة النقابة بعد ذلك. كان وصول حلمي أمين لكرسي النقيب وبقاؤه عليه علي مدي ثلاث دورات تدشين لمرحلة نقابية مختلفة في نوعية الصراعات وأشكال الخلافات,ناهيك عن الاتهامات التي كان أبرزها إهدار المال العام,أما حسن أبوالسعود الذي وصل للمنصب في الفترة من2004 وحتي رحيله في2007 فقد نجح في التعامل مع معارضيه,والعابثين بأموال النقابة والذين لم يجدوا مفرا للمداراة علي مخالفاتهم سوي الإقدام علي احراق المقر,غير أن هذا لم يعفه من تجاوزات اقترفها,ومن بعده جاء منير الوسيمي وتوالت اتهامات التربح من كل حدب وصوب,وتم حل المجلس عقب ثورة25 يناير,وجاء إيمان البحر درويش ليجد الموقف النقابي مشتعلا ويفشل في احتواء أزمات متلاحقة,وتزداد الهوة مع أعضاء مجلسه,وتتطور خلافاتهم لتصبح بلاغات في النيابة حتي تم سحب الثقة منه,ويلجأ لساحات القضاء,بينما يحقق مصطفي كامل- العضو بمجلس درويش- تطورا نوعيا بعدما أصبح في2013 نقيبا للموسيقيين غير أنه يدخل في معارك جانبية تأخذه بعيدا عن دوره المنوط به,وفي ظل أحكام قضائية بينه وبين إيمان تعزل هذا وتعيد ذاك,يتصدر هاني شاكر المشهد نقيبا,وسط أمنيات بوضع نهاية لعصر قتال محتدم,وموجة تفاؤل بأنه الأصلح لقيادة دفة نقابة أبناء النهاوند والسيكا والبياتي. يفرح كثيرون بمجيء أمير الغناء العربي وأنا مثلهم غير أن فرحي كان مشوبا بالحذر,وكتبت في هذا المكان عقب توليه المسئولية تحت عنوان ورطة هاني شاكر قلت:بعدما كان رمزا للرومانسية والأغنية الحالمة,ويهدي من معجبيه ومعجباته بالورد والدباديب أضحي مطاردا بالكوابيس والموبايلات المزعجة والاستيقاظ كل يوم في أي وقت- علي قنابل موسيقية موقوتة,..قلت له:لن يحمي ظهرك, ويقوي عزمك,سوي أبناء المهنة الكادحين الأصليين,الذين منحوك أصواتهم,ووضعوا فيك ثقتهم,لتحقق المعادلة الصعبة بلم الشمل وجمع الشتات,والارتقاء بالمهنة وأربابها,وإعادة هيبتها المفقودة. واختتمت ما كتبت بأنالتركة مثقلة,والمهمة صعبة,واشفقت علي ناظر مدرسة الأغنية الراقية اتجاهه لمعترك العمل العام,وتعرضه للنقد والهجوم والبهدلة, وتمنيت أن نسمعه دوما يغني لمسيرته النقابية علي الضحكاية علي لا أن نسمعه يدندن في أسي غلطة وندمان عليها. اليوم وبعد مرور15 شهرا علي تولي هاني شاكر مقاليد النقابة أجدني أتساءل هل صار علي نهج من جاءوا من قبله أم حفظ اللحن أقصد الدرس جيدا وتعلم من أخطاء سابقيه؟! وهل حقق آمال أعضاء الجمعية العمومية؟!,وهل حارب الفساد وتخلص من أصحاب المصالح الذين يأكلون علي كل الموائد,وممن لا يحلو لهم سوي تعكير الصفو ودق الأسافين وزرع فتيل الفرقة حتي يخلو لهم الجو,وينفردون بالاستحواذ علي عقل وعين وقلب وأذن النقيب؟! النقيب هو الوحيد الذي يستطيع أن يجيب. [email protected]