علي الرغم من حداثة سنه الذي لم يتجاوز عمره6 سنوات, لكن عبد الله ابن قرية الأغانة التابعة لمركز طما, عشق العزلة بعيدا عن أقرانه من الأطفال, حيث عرف عنه حبه للخروج مبكرا يتأمل الطبيعة بجوها الساحر ويجلس لساعات طويلة علي ضفاف الترعة المجاورة لمنزله ويسرح بخياله مع تموجات الماء عندما يلقي فيها الحجر تلو الآخر, كما يستمتع برؤية أسراب البط والأوز السابحة علي صفحة الماء وهي تلتقط حبات الذرة التي يلقيها إليها. وفي صبيحة ذات يوم استيقظ عبد الله وذهب يلهو ليمتع نظره برؤية أسراب البط والأوز السابحة علي صفحة ماء الترعة, حيث اعتاد أن يصطحب معه كيس صغير من الذرة لينثرها أمام مجموعات البط والأوز, وتغمره السعادة عندما يشاهدها تسرع في التقاطها, وأراد عبد الله أن يقترب منها أكثر دون أن يدرك بسذاجته الطفولية أنه قد يكون عرضة للغرق وبالفعل استطاع النزول من ضفة الترعة واقترب من الماء أكثر وأكثر وفجأة انزلقت قدماه ليسقط في عمق الماء وهو يطلق صرخة هائلة سمعها قلب أمه قبل أذنيها فخرجت مهرولة لتجد فلذة كبدها يصارع الماء دون جدوي فأخذت في الصراخ والعويل بينما طفلها يتلاشي في عمق المياه. تمكن الجيران من انتشال عبد الله من الترعة وفشلت محاولاتهم في إسعافه فقاموا بنقله إلي المستشفي ليكتشفوا أنه قد فارق الحياة, تم إخطار النيابة فصرحت بدفن الجثة وطلبت تحريات المباحث حول ظروف وملابسات الواقعة وباشرت التحقيق بإشراف المستشار هاني الجوهري المحامي العام لنيابات شمال سوهاج. كان اللواء مصطفي مقبل, مساعد وزير الداخلية, مدير أمن سوهاج, قد تلقي بلاغا من العميد جلال أبو سحلي, مأمور مركز طما, يفيد بوصول الطفل عبد الله6 سنوات للمستشفي جثة هامدة, فانتقل علي الفور الرائد أحمد صلاح, رئيس مباحث المركز بإشراف اللواء خالد الشاذلي مدير إدارة البحث, لمكان البلاغ وبالفحص وبسؤال كمال37 سنة عامل عم المتوفي أقر بأنه أثناء قيام نجل شقيقه باللهو علي حافة الترعة والتي يطلق عليها المردة المجاورة لمسكنه انزلقت قدماه وسقط بها مما نتج عنه غرقه ووفاته ونفي الشبهة الجنائية.