إن الدولة حريصة علي المساواة في الحقوق والواجيات بين القطاعات الثلاثة العام والتعاوني والخاص, وحريصة أيضا علي أهمية قيام بنك تعاوني أو صندوق تعاوني مركزي لتجميع المدخرات من الأعضاء لتمويل المشروعات الانتاجية والخدمية.. ودعم تنمية الصادرات.. وفتح أسواق جديدة في إطار التجارة التعاونية العالمية وجذب الاستثمارات وتنمية الصناعات وحماية البيئة ودعم البعد الاجتماعي.. واقتحام آفاق جديدة في التعليم والتدريب التعاوني, وتقديم الخدمات الأساسية للشعب بيسر وسهولة وتكلفة مناسبة. والحقيقة أن مطلب الأسرة التعاونية المصرية علي امتداد66 عاما تأسيس بنك للتعاون أسوة بما هو موجود في163 دولة في العالم وفي أفريقيا وآسيا وأوروبا والولايات المتحدةالأمريكية التي يوجد بها12 بنكا تعاونيا ويعتبر بنك التعاون الاستهلاكي البنك الثاني بعد البنك المركزي, وفي المانيا علي سبيل المثال تنتشر بنوك رايفايزن التعاونية في كل القري والمدن وعلي رأسها البنك التعاوني الألماني المركزي في فرانكفورت العاصمة الاقتصادية لألمانيا. وإيمانا بدور البنوك التعاونية أسس الاتحاد الأوروبي البنك التعاوني المركزي بمساهمة من البنوك التعاونية علي امتداد25 دولة أوروبية. لقد نص قانون التعاون رقم58 لسنة1944 علي تأسيس بنك التعاون كآلية مهمة لتحقيق أهداف الحركة التعاونية المصرية بكل صورها. ونص قانون التعاون الزراعي122 لسنة1980 في المادة17 علي أن للجمعيات التعاونية انشاء بنك تعاوني تسهم فيه الجمعيات التعاونية بصفتها الاعتبارية وبأعضائها لتقديم القروض وانشاء المشروعات اللازمة للتعاونيات علي اختلاف مستوياتها ونوعياتها. وتضمن مشروع قانون التعاون الموحد الذي اعده الاتحاد العام للتعاونيات أنه يجوز للوحدات التعاونية أن تكون فيما بينها أو بالاشتراك مع الغير من الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين شركات أموال للقيام بمشروعات اقتصادية تخدم اغراضها بما في ذلك انشاء بنك تعاوني, كما يجوز لها استثمار أموالها في شراء اسهم أو سندات أو حصص شركات. ومنذ أكثر من ربع قرن والحركة التعاونية تحاول تأسيس بنك التعاون دون جدوي. وقد طرح البعض اقتراح أن يكون البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي هو بنك الحركة التعاونية بكل انشطتها لأنه يملك فروعا علي مستوي المراكز والقري وعواصم المحافظات وقبل صدور القانون117 لسنة1976 كان اسم البنك بنك التسليف الزراعي التعاوني, وكانت التعاونيات الزراعية تساهم في رأسماله ب50 مليون جنيه, وكانت التعاونيات بكل صورها الاستهلاكية والاسكانية والزراعية تودع أموالها في البنك أو خلال تطبيق نظام الائتمان التعاوني الزراعي كانت بنوك القري في الستينيات جزءا من الجمعية التعاونية الزراعية. والحقيقة أن الحركة التعاونية قادرة علي تأسيس بنك للتعاون برأسمال500 مليون طبقا للقواعد الجديدة التي اعلنها البنك المركزي لتأسيس البنوك.. لأنها تملك صروحا اقتصادية وصناديق الاستثمار والتمويل وتبلغ أكثر من مليار جنيه. ولكن تأسيس بنك في ظل المتغيرات الاقتصادية الحالية ودمج البنوك في كيانات كبري والحاجة إلي فروع في كل المحافظات والمراكز والقري وقوي بشرية مصرفية مؤهلة ومتخصصة تجعل من تأسيس بنك التعاون هدفا من الصعب تحقيقه والبديل هو أن يكون البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي هو بنك الحركة التعاونية لإمكاناته الهائلة وخبراته التي اكتسبها علي امتداد80 عاما منذ تأسيسه في عام1931. وهذا الهدف يتطلب قانونا جديدا للبنك بديلا عن القانون117 لسنة1976 ليعود البنك إلي جذوره التعاونية كبنك للتسليف التعاوني وتساهم التعاونيات في رأسمال البنك ب49% علي الأقل. إن الحركة التعاونية التي تضم12 مليون تعاوني أعضاء18 ألف منظمة تعاونية تبلغ معاملاتها السنوية55 مليار جنيه ستصنع من البنك كيانا اقتصاديا ضخما يساير اتجاه الدول في تكوين كيانات مصرفية كبيرة. إن التعاونيات الزراعية وأعضاءها يساهمون في البنك بمدخرات بلغت22 مليار جنيه تساهم في التمويل الذاتي للبنك. ويعتبر البنك التعاوني بانجلترا من أقدم البنوك التعاونية في العالم.. ويقدم خدماته من خلال800 فرع في المكان المناسب وفي الوقت السليم بالأفكار الملائمة لعملائه. وأعضاء البنك التعاوني يعتمدون اعتمادا كليا في التعرف علي السعر الحقيقي للمنتجات وجميع التعاونيين يبيعون منتجاتهم وهم علي ثقة بأنهم حصلوا علي حقهم كاملا. والبنك التعاوني اصبح علي قائمة البنوك في بريطانيا لأنه يتعامل مع عملائه بسياسة تقوم علي الأمان في كل التعاملات المصرفية والاستثمارية. وقد حاز البنك لقب أحسن شركة تعاونية عام2008 ويحظي بشهرة واسعة في تقديم الخدمات المالية والتعاونية. ولابد من الاستفادة من تجربة بنك التعاون في ألمانيا. النظام المصرفي التعاوني يضم أضخم مجموعة في الحركة التعاونية الألمانية التي تضم2037 من البنوك الشعبية وبنوك رايفايزن ويتبعها17760 فرعا ولها موازنة تبلغ1700 بليون يورو. وفي مجال التطور الهيكلي لعبت الجمعيات دورا مهما جدا بانشاء بنك تعاوني صغير في كل قرية يجذب مدخرات الفلاحين ويتيح الفرصة للحصول علي القروض وتحول البنك التعاوني إلي مركز اقتصادي في القرية مهمته الإدخار وصرف القروض والاستثمار والقيام بالأعمال المالية وتوريد مستلزمات الانتاج وتسويق الانتاج. إن البنك الدولي والاتحاد الأوروبي اسهما في تأسيس البنوك التعاونية في دول أوروبا الشرقية. إن اعلان الدولة عن دراسة فكرة تأسيس بنك للتعاون استجابة لمطلب الحركة التعاونية المصرية خطوة كبري تتطلب من الاتحاد العام للتعاونيات والاتحادات التعاونية المركزية المبادرة السريعة باعداد دراسة عن تأسيس بنك التعاون تتضمن المساهمات المالية الذاتية التي ستقدمها الحركة. والبنوك التعاونية منتشرة في163 دولة وتؤثر تأثيرا مباشرا في مكونات الحركة التعاونية نظرا للعلاقة الوثيقة المتبادلة بينها وبين سائر أنواع الجمعيات. إن تأسيس بنك التعاون في مصر يعتبر الدعامة الأساسية للآفاق المستقبلية للحركة التعاونية.. وهو ضرورة وطنية عاجلة بكل المقاييس.