ينتشر الفساد عادة في المواقع التي تغيب عنها الرقابة القانونية خاصة في المستويات دون الحكومية بعد أن غابت عن المسئولين فيها رقابة الضمير والخوف من الله واستقرت في نفوسهم الرغبة المستميتة في جمع الأموال والنفوذ حتي لو كان علي حساب الكادحين ومن أقواتهم وشقائهم من أجل حياة كريمة, فتتحول أموال البائسين إلي أرصدة تتضخم في حسابات المسئولين الذين نالوا الثقة فخانوها. وعندما نتناول قضايا الفساد يجب ألا نغفل النقابات المهنية والجمعيات الأهلية والجمعيات التعاونية للمهن الحرفية كالزراعية أو الصناعية ودور الأيتام ودور المسنين والحضانات, والأمر الذي يخفي علي الكثير هو إذا كانت الجمعيات الأهلية تتبع بشكل مباشر وزارة التضامن الاجتماعي الغافلة في كثير من الأحيان عن مخالفات ما يتبعها من تنظيمات, فإلي أي جهة تنتمي النقابات المهنية والتنظيمات التي من شأنها رعاية حقوق المنضمين إليها وتنمية مواردهم, ففي هذه التكتلات المجتمعية ينتشر أشخاص طمسوا علي ضمائرهم غشاوة واستمرأوا نهب أموال وأملاك من ساهموا في وصولهم إلي مناصب مسئوليتهم دون رادع أو رقيب. إلقاء الضوء علي هذا الفساد في هذه المواقع سيأتي تباعا كلما حانت لنا الفرصة في كشف وقائع الفساد والمسئولين عنه بالأدلة والمستندات, لا نتجني علي أحد ولكن نسعي للتطهير العام حسب النهج العام الذي تنتهجه الدولة بقيادة الرئيس السيسي. في نقابة أطباء الغربية, قام المسئولون فيها باحتجاز أموال المشاركين في النقابة والمخصصة للإنفاق علي المعاشات, وقاموا بالإعلان عن مناقصة لإنشاء ناد للأطباء بكفر الزيات, ثم تم ارساء المشروع بالأمر المباشر علي احدي الشركات بقيمة( مليون وخمسمائة وأربعة وثلاثين ألفا وثمانمائة وثمانية وستين جنيها) حيث يبدو الرقم دقيقا جدا, وبناء علي ذلك وبسبب تراكم الإجراءات الباطلة أدينت النقابة بما يزيد عن المليوني جنيه فضلا عن عدم تسلم النادي حتي الآن منذ عام2011, وبما يحتويه المبني القائم حاليا والغير منتهي من مخالفات وعيوب هندسية وشروخ بالخرسانة, الأمر الذي مؤداه إهدار المال العام لأطباء الغربية, يضاف إلي ذلك تغافل المجلس السابق والحالي عن تحصيل غرامات التأخير من الشركة القائمة بالأعمال والمخالفة للقانون من البداية, وما خفي من الأمور قد يكون أعظم من ذلك, فهذا ما ظهر للعيان وتم تقديم البلاغات بشأنه بالوثائق والمستندات. البلاغات في الواقعة السابقة تم تقديمها للنائب العام ونيابة الأموال العامة والرقابة الإدارية والجهاز المركزي للمحاسبات, ومن المهم جدا أن يعلم القائمون علي النقابة العامة للأطباء والمعنيين بشئون وحقوق الأطباء بما يحدث في النقابات الفرعية. التحقيق في واقعة كهذه ارتكبها مجلس نقابي يجب ألا يتوقف عند أركان نادي الأطباء بكفر الزيات وكشف ملابسات الفساد فيه, فمن الواجب فتح جميع أوراق النقابة بدءا من اجراءات انتخاب المجلس الحالي والسابق, واتخاذ اجراءات التحقيق من قبل مباحث الأموال العامة والرقابة الإدارية والنيابة العامة بشأن كافة المستندات الصادرة من النقابة. يجب ألا نغفل كذلك دور من يقوم بكشف ملابسات التلاعب بأموال الشعب والذين يقومون بهذا من منبع اهتمامهم وحرصهم علي مدخرات زملائهم, فهم يقومون بدور الرقيب علي حقوق بعضهم, وهو الدور المنوط أن تقوم به النقابة ومجلسها المنتخب, ولا يعني ذلك بالضرورة تكريمهم, أو الاشارة إليهم, ولكن يكفي أن تكون ملاحظاتهم وتنبيهاتهم ورسائلهم محل الاهتمام والنظر والتحقيق لقيامهم بهذا العمل حرصا علي مجتمع أفضل بلا فساد, فالرقابة الشعبية علي الفساد والفاسدين هي المعين الأول والأوقع لأجهزة الرقابة الحكومية